فصل: باب الطاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***


بَابُ الضَّاد

الضَّحْوَةُ والضُحَى والضَّحاء‏:‏

فالضَّحوة‏:‏ ارْتِفَاع أوَّلِ النَّهار، والضُّحَى‏:‏ بّالضَّم والقَصْر فوقَه، والضحاء‏:‏ إذا امتد النهار وقرب أن ينتصف وكلها تعرب مفعولًا فيه ظرف زمان تقول‏:‏ ‏"‏ لقيته ضحوةً أو ضحىً أو ضحاءً ‏"‏‏.‏

ضَمَائِرُ الأفْعَالِ لذاتٍ واحدةٍ‏:‏

لا يجوزُ للفعلِ مطلقًا أن يكون فاعلهُ ومفعولُه ضميرَين لذاتٍ واحدة فلا يقالُ‏:‏ ‏"‏أكرَمتُني أي أكْرَمْتُ ذَاتِي ‏"‏ يُعَبَّرُ عن المفعولِ بـ ‏"‏أكرَمتُ نَفْسِي‏"‏ أو ‏"‏أكرَمْتُ ذَاتي‏"‏ إلاّ ‏"‏أَفعالُ القُلوبِ ‏"‏فإنَّهُ يجوزُ فيها ذلك نحو ‏"‏ظَنَنْتُني‏"‏ أي ظننتُ ذاتي‏.‏

الضمير‏:‏

-1 تَعْرِيفُه‏:‏

هوَ ما وُضِعَ لمتكلمٍ، أو لِمُخَاطَبٍ، أو غَائِبٍ، كـ ‏"‏أنا، وأنتَ، وهو‏"‏‏.‏ أو لِمُخَاطَبٍ تَارةً، ولِغَائبٍ أُخْرى وهو ‏"‏الألِفُ والوَاوُ والنُّون ‏"‏‏.‏

-2 أقسامُه‏:‏

يَنْقَسِمُ الضَّميرُ إلى قِسْمَين‏:‏

بارِزٍ، ومُسْتَتِرٍ‏.‏

‏(‏1‏)‏ الضَّمير البارزُ وقِسْماه‏:‏

الضمير البارزُ‏:‏ هو ما لَهُ صُورَةٌ في اللَّفْظ كتَاء ‏"‏قُمْتُ‏"‏ وينقَسِمُ إلى‏:‏

مُنْفَصِل ومُتَّصِل‏.‏

‏"‏أ‏"‏ فالضمير المنفَصِل‏:‏

هُو ما يُنْتَدَأ به النُّطْق، ويَقَعُ بعدَ ‏"‏إلاَّ‏"‏ تقولُ ‏"‏أنَا مؤمِنٌ‏"‏ وتقولُ‏:‏ ‏"‏ما نَهضَ إلاَّ أنْتَ‏"‏‏.‏

ويَنْقَسمُ المنفصلُ بحَسَبِ مواقِعَ الإعرابِ إلى قسمين‏:‏

‏(‏أحدهما‏)‏ ما يَخْتَصُّ بالرَّفْعِ وهو ‏"‏أنا‏"‏ للمتكلم، و ‏"‏أنْتَ‏"‏ للمُخَاطبِ، و ‏"‏هوَ‏"‏ للغَائِب وفُرُوعُهُنَّ، ففَرْع أنا ‏"‏نحن‏"‏، وفرع أنت ‏"‏ أنتِ، أنُتما، أنتُمْ، أنتُنَّ‏"‏ وفرْع هو‏:‏ ‏"‏ هي، هُمَا، هُمْ، هُنّ‏"‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ ما يَخْتَصَّ بِمَحَلِّ النَّصبِ، وهي‏"‏ إيَّايَ‏"‏ للمُتَكَلِّم و ‏"‏أيَّاكَ‏"‏‏.‏ للمُخَاطَب، و ‏"‏أيَّاهُ‏"‏ للغَائبِ، وفُرُوعُهُنَّ، فَفَرْعُ إيَّايَ ‏"‏إيَّانا‏"‏ وفرعُ إيَّاهُ ‏"‏إيّاهَا، إيَّاهُمَا، إيَّاهُمْ، إيَّاهُنَّ ‏"‏‏.‏

‏"‏ب‏"‏ والضمير المُتَّصلُ‏:‏

هوَ ما لا يُبْتَدَأ به في النُّطْقِ، ولا يَقع بعدَ ‏"‏إلاَّ‏"‏ كياءِ ‏"‏ ابني‏"‏ وكاف ‏"‏أَكْرَمكَ‏"‏ وهاء ‏"‏سَلْنِيهِ‏"‏ ويائه، أمَّا قولُ الشَّاعر‏:‏

ومَا نُبالِي إذا مَا كنتِ جارَتَنا *** أنْ لا يُجاورَنا إلاَّكِ دَيَّارُ

فضَرُورة، والقِياس إلاّ إيَّاك‏.‏

وينقسمُ المتَّصلُ بحَسبِ مَواقِع الإعراب إلى ثلاثة أقسام‏:‏

‏(‏الأول‏)‏ ما يَخْتصُّ بمحَل الرَّفعِ فقط وهي خمسة‏:‏

‏(‏1ً‏)‏ ‏"‏التاءُ‏"‏ كـ ‏"‏قُمْتَُِ‏"‏ بالحركات الثلاث، أو متَّصلةً بما كـ ‏"‏قُمتُما‏"‏

أوبالمِيم كـ ‏"‏قُمْتُمْ‏"‏ أو النونِ المشدَّدَةِ كـ ‏"‏قُمْتُنَّ‏"‏‏.‏

‏(‏2ً‏)‏ ‏"‏الألِفُ‏"‏ الدالَّة على اثنينِ أو اثْنَتَيْن كـ ‏"‏قَامَتَا ‏"‏ و ‏"‏قامَا‏"‏‏.‏

‏(‏3ً‏)‏ ‏"‏الوَاوُ‏"‏ لجمع المذكَّرِ كـ ‏"‏قامُوا‏"‏‏.‏

‏(‏4ً‏)‏ ‏"‏النونُ‏"‏ لجمع النسوة كـ ‏"‏قُمْنَ ‏"‏‏.‏

‏(‏5ً‏)‏ ‏"‏ياءُ المخاطبة ‏"‏ كـ ‏"‏قُومي‏"‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ ماهُوَ مُشْتَرَكٌ بينَ محل النَّصْبِ والجَرِّ فَقَط وهو ثَلاثَةٌ‏:‏

‏(‏1ً‏)‏ ‏"‏ياءُ المتكلم‏"‏ نحو ‏"‏رَبِّي أكْرِمْني‏"‏فياء ربي محلِّ جرٍّ بالإضافة، وياء أكْرَمْني في محلِّ نصب مفعولٍ به‏.‏

‏(‏2ً‏)‏ ‏"‏كافُ المخَاطَبِ ‏"‏نحو ‏{‏مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ‏}‏ فالكاف في وَدَّعَكَ في محلِّ نصبٍ مفعُولٌ به، والكاف من ربُّكَ في محلِّ جر بالإضافة‏.‏

‏(‏3‏"‏‏)‏ ‏"‏هاء الغَائب‏"‏ نحو ‏{‏وقَالَ لَهُ صاحِبُهُ وهُوَ يُحَاورُه‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏37‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏‏.‏ فالهاءمن له في محلِّ جرٍّ بالإضافة والهاءُ من ‏"‏يحاورُه‏"‏ في محلِّ نصبٍ على المفعُوليَّة‏.‏

والخلاصةُ‏:‏ فما اتّصل منها بالاسمِ فمضافٌ إليه، ومااتَّصلَ منها بالفعلِ فمفعولٌ بهِ، وما اتَّصل بـ ‏"‏إن‏"‏ فاسمها، وما اتَّصلَ بـ ‏"‏كانَ‏"‏ فخبرها‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ ماهو مُشتركٌ بين الرَّفعِ والنَّصبِ والجرِّ وهو ‏"‏نا‏"‏ خاصةً نحو ‏{‏رَبَّنا إنَّنا سَمِعْنَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏193‏"‏من سورة أل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏ فَنَا في ‏"‏رَبَّنَا‏"‏ في محلِّ جَرِّ، وفي‏"‏إنَّنَا‏"‏ في محلِّ نصب، وفي‏"‏سَمِعْنَا‏"‏ في محلِّ رَفْعٍ‏.‏

‏(‏2‏)‏ الضَّمِيرُ المستترُ وقِسْمَاه‏:‏

الضَّمِيرُ المستترُ‏:‏ هو ما لَيسَ لَهُ صُورَةٌ في اللفظ ويختصُّ يضمِيرِ الرَّفْعِ وينقسمُ إلى قِسْمَينِ‏:‏

‏(‏الأول‏)‏ ‏"‏المستترُ وُجُوبًا‏"‏ وهومَا لا يخلُفُهُ ظاهرٌ، ولا ضميرٌمنفصِلٌ، ومواضعُه‏:‏

‏(‏1‏"‏‏)‏ ‏"‏مَرْفُوعُ أمْر الوَاحِدِ‏"‏ كـ ‏"‏قُمْ، وافْهَمْ، واسْتَخْرِجْ‏"‏ والضمير المستَتَرهو الفاعل، المقدَّر بأنت‏.‏

‏(‏2‏"‏‏)‏ ‏"‏مرفُوعُ المُضارع المبدوءِ بتاءِ خِطَابِ الوَاحِدِ‏"‏ نحو ‏"‏أنت تَفْهمُ وتَسْتخرجُ ‏"‏ وفاعله ضمير تقديرأنت، أو ‏"‏المبدوء بهمزةِ المُتكَلم‏"‏ كـ ‏"‏أذْهَبُ‏"‏ وفاعلُه ضميرٌ تقديرُه‏:‏ أنا أو ‏"‏المَبْدُوء بالنُّونِ‏"‏ كـ ‏"‏نُسَافِرُ‏"‏ وفاعِلُه ضميرٌ تَقْديره‏:‏ نحن‏.‏

‏(‏3‏"‏‏)‏ ‏"‏مَرْفُوع فعل الاسْتِثْناء‏"‏ كـ ‏"‏خَلاَ، والأكْثرُ أن خلا حرفُ جرـ وعدا، وليس، ولا يكون‏"‏ في نحو قولك‏:‏ ‏"‏فازَالقومُ ما عَدَا خالِدًا أو ماخلاهُ‏"‏‏.‏ في ما عدا ضميرٌ مُسْتتر فاعلٌ يعودُ على الفائزين المفهومة من فَازَ‏.‏ و ‏"‏نجحُوا ليسَ بكرًا‏"‏ و ‏"‏لا يكون زيدًا‏"‏‏.‏ واسمُ ليس ولا يكونُ ضميرٌ مُسْتَتِر يعود على الواو من نجحوا‏.‏

‏(‏4‏"‏‏)‏ ‏"‏مرفوع أفعلَ في التَعَجُّبِ‏"‏ كقولك‏:‏ ‏"‏ما أحْسَنَ الصِّدقَ‏"‏‏.‏ فاعل أحْسَن ضمير مستتر يعود على ما‏.‏

‏(‏5‏"‏‏)‏ ‏"‏مرفوعُ أفعلَ في التَّفضيل‏"‏ نحو ‏{‏هُمْ أحْسَنُ أَثَاثًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏74‏"‏من سورة مريم ‏"‏19‏"‏‏.‏‏)‏ فاعل أحسن ضمير ممستتر يعودعلى هم‏.‏

‏(‏6‏"‏‏)‏ ‏"‏مرفُوعُ اسمِ الفعلِ غير الماضي‏"‏ كـ ‏"‏أوَّه‏"‏ بمعنى أتوجَّع و ‏"‏نزالِ‏"‏ بمعنى انزال‏.‏

‏(‏7ً‏)‏ ‏"‏مرفوع ُالمصدر النائب عن فعله‏"‏ نحو‏{‏فَضَرْبَ الرِّقَابِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏4‏"‏ من سورة محمد‏"‏47‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ ‏"‏المُسْتَتِرُ جوَازًا‏"‏ وهوَ ما يَخلُفُهُ الظاهرُ، أو الضميرُ المُتْفَصِل، ومَوَاضِعُه‏:‏

‏(‏1‏"‏‏)‏ مَرْفُوعُ فعْلِ الغَائِب كـ ‏"‏عَليٌّ اجتَهَدَ‏"‏ أو الغَائِبةِ كـ ‏"‏ فاطِمةُ فَهِمَتْ‏"‏‏.‏

‏(‏1ً‏)‏ مرفوعُ الصِّفاتِ المَحْضَة كـ ‏"‏بكرٌ فاهمٌ‏"‏ و ‏"‏الكِتَابُ مَفْهُومٌ‏"‏‏.‏

‏(‏3ً‏)‏ مرفوعُ اسمِ الفعل الماضي كـ ‏"‏شَتَّانَ وهَيْهَاتَ‏"‏‏.‏

ويرى بعضهم أنَّ التقسيم القويم في وجوبِ الاستتار أو جوازه أن يقال‏:‏ العامل إمَّا أنْ يَرفَع الضميرَ المُستَتِرَ فَقَط كـ ‏"‏أقومُ‏"‏ وهذا هو واجبُ الاستتار، وإمَّا ان يرفعَهُ ويرفَع الظَّاهر، وهذا هو جائزُ الاسْتِتَار، كـ ‏"‏قامَ وهيهاتَ‏"‏‏.‏

-3 إذا تَأتَّى أن يَجيء المتَّصِلُ لا يُعْدَلُ إلى الـمُنْفَصِل‏:‏

يقول المُبرِّد‏:‏ اعلَم أنَّ كلَّ مَوْضِعٍ تَقْدِر فيه على الضّمير مُتّصلًا،

المنفصل لا يَقعُ فيه، تقول‏:‏ ‏"‏قُمتُ‏"‏ ولا يصلُح ‏"‏قامَ أنا‏"‏ وكذلكَ

‏"‏ضَرَبْتُك‏"‏ ولا يصلُح ضَرَبْت إيَّاكَ، وكذلك ظَنَنْتكَ قَائِما، ورَأَيْـتـُني، وهكذا فأمَّا قَوْلُ زِياد بن حَمَل التميمي‏:‏

ومَا أُصَاحِبُ مِنْ قَوْمٍ فأذكُرُهم *** إلَّا يَزِيدُهُمْ حبًّا إليَّ هُمُ

‏(‏معنى البيت‏:‏ ما صَحِبت قَومًابعد قومي فذكرتُ لهم قومي إلا بَالَغُوا في الثناء عليهم حتى يزيدوا قومي حبّـًَا إليَّ، وإعراب هم في يزيد مفعول أول ليزيد وحُبًامفعول له الثاني وهُمُ الثانية آخر البيت فاعل يزيد والأصل يزيدون، فعدل عن الواو إلى هم للضرورة‏)‏‏.‏

وقول الفرزدق‏:‏

بالباعِثِ الوَارِثِ الأمْوات قد ضَمنَتْ *** إيَّاهُم الأَرضُ في دَهْرِ الدهاريرِ

‏(‏قوله‏:‏ بالباعث متعلقة بحلفت في بيت قبله، والباعث‏:‏ هو الذي يبعث الأموات، والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك، وضمنت‏:‏ اشتملت، والدهر الزمن، والدهارير‏:‏ الشدائد، والشاهد هنا قوله‏:‏ ‏"‏ضمنت إياهم‏"‏ فإياهم مفعول ضمنت، والأصل أن يقول‏:‏ ضمنتهم‏)‏ فضرورة فيهما‏.‏

ويُسْتـَثـْنى منْ هذه القاعدةِ مَسألتان، يجوزُ فيهما الإنْفِصالُ مع إِمْكَانِ الإتِّصَال‏.‏

‏(‏إحْداهما‏)‏ أنْ يكونَ عامِلُ الضَّميرِ عامِلًا في ضَمِيرٍ آخَرَ أَعْرَفَ‏(‏ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب‏)‏ منه مُقَدَّمًاعليه، وليس المُقَدّمُ مَرْفُوعًا، فيَجوزُ حِينَئِذٍ في الضَّميرِ الثَّاني الإتَّصالُ والإنْفِصالُ‏.‏

ثمَّ إنْ كانَ العامِلُ في الضَّميرين فِعلًا غير ناسخ كـباب ‏"‏أعْطَى‏"‏ فالوَصْل أَرْجَح كقولك ‏"‏الكتابَ أَعْطِنيِه، أوْ سَلْنِيه‏"‏ فـ ‏"‏أَعْطِنِيه‏"‏ فعلٌ غيرُ نَاسِخ عَامِلٌ في ضَمِيرين ‏"‏الياء والهَاء‏"‏ واليَاءُ أَعْرَفُ من الهاء، فجازَ في مِثْلِ هذا وصلُ الضَّميرِ الثَّاني وفَصْلُهُ، تقول‏:‏ ‏"‏سَلْنِيه‏"‏ و ‏"‏سَلْني إيَّاهُ‏"‏ فمن الوصلِ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَيَكْفِـيكَهُمُ اللَّه‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏137‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏)‏ و ‏{‏أنُلْزِمُكُمُوهَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏28‏"‏ من سورة هود ‏"‏11‏"‏‏)‏ ومِنَ الفصلِ قول النبيِّ ‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏‏:‏ ‏(‏إنَّ اللَّه مَلَكَكُمْ إيَّاهُمْ‏)‏ ولو وصَلَ لقالَ‏:‏ ‏"‏مَلَّكَكَمُوهُمْ‏"‏ ولكنَّهُ فَرَّ مِنَ الثِّقَلِ الحاصلِ من اجتماعِ الواوِ مع ثلاثِ ضَمَّاتٍ‏.‏

وإنْ كانَ العَاملِ فِعلًا ناسِخًا من باب ظَنَّ نحو ‏"‏خِلْتَنِيهِ‏"‏ فالأرجحُ الفصل، ‏(‏وعند ابن مالك والرُّوماني وابنِ الطَّراوة‏:‏ الوصل أرجح، وجاء على هذا المذهب قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إذ يُرِيكَهُمُ اللَّه‏}‏‏)‏ كقولِ الشاعر‏:‏

أخي حَسِبْتُك إيَّاهُ وقد مُلِئتْ *** أرْجاءُ صَدْرِكَ بالأضْغَانِ والإحَنِ

‏(‏أخي‏:‏ مفعولٌ بفعل محذوف يفسره حسبتك، أو مُبتَدأ ومَا بعدَه خبره على الوَجْهين في الاشتِغال، لا مُنَادَى سقط منه حرفُ النِّداء كما أعربه العَيني لفساد المعنى‏)‏

وإنْ كانَ العاملُ في الضميرينِ اسمـًا، وكانَ أوَّلَ الضَّمِيرينِ مَجْرورًا فالفصْل أرْجَح نحو ‏"‏عَجِبْت من حِبِّي إيَّاه‏"‏ فَحُبُّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلى فاعِلِه وهو ياء المتكلم، و إيَّاه مفعولُه، ومن الوَصْلِ قول الحَمَاسِيِّ‏:‏

لَئِنْ كانَ حُبُّكَ لي كَاذِبًا *** لَقَدْ كانَ حُبِّيكَ حَقَّا يَقينـا

فإنْ كانَ الضَّمِيرُ الأوَّلُ غيرَ أعرف، وَجَبَ الفصلُ نحو ‏"‏الكتابَ أعطاهُ إيَّاكَ أو إيَّايَ‏"‏‏.‏

ومن ثمَّ وجَبَ الفصلُ إذا اتَّحَدَتْ رُتْبَةُ الضَّمِيرَينِ نحو قولِ الأسيرِ لمَنْ أَطْلَقَهُ ‏"‏مَلَّكْتَـني إيَّايَ‏"‏ وقولُ السيد لعبده ‏"‏مَلَّكْتُكَ إيَّاكَ‏"‏ وإذا أخبر ‏"‏مَلَّكْتُهُ إيَّاهُ‏"‏‏.‏

وقد يُبَاحُ الوصْلُ إنْ كانَ الإتحادُ في ضَمِيرَي الغَيبة، واخْتلَف لفظُ الضميرَينِ كقوله‏:‏

لِوَجْهِكَ في الإحْسانِ بَسْطٌ وبَهْجةٌ *** أَنَا لُهُمَاهُ قَفْوُ أكرَمِ وَالِدِ

وشَرَطْنَا في أوَّلِ المسألة‏:‏ ألاَّ يكونَ المُقَّدمُ مرْفُوعًا، فإنْ كانَ الضَّمِيرُ المقَدَّمُ مَرْفُوعًا وجب الوَصْلُ نحوَ أَكْرَمْتُكَ‏.‏

‏(‏المسألة الثانيةَ‏)‏ أنْ يكونَ الضَّمِيرُ مَنْصُوبًا بكانَ أو إحدى أخَواتِها، سَواءٌ أكانَ قبلَهُ ضميرٌ أم لا‏(‏وبذلك فارقت المسألة الأولى‏)‏‏.‏ نحو ‏"‏الصديقَ كُنْتَه أو كَانَهُ زيدٌ‏"‏‏.‏ فيُجوزُ في الهاءِِ الإتِّصالُ والانْفِصال‏.‏ ‏(‏والأرجح عندَ الجمهور الفَصْل، وعند ابنِ مالك و الرُّوماني وابنِ الطَّراوَة الوَصْل كما هو الخلاف في أفعال الظن‏)‏‏.‏ وكِلاهُما وَرَد، فمن الوصل‏:‏ الحديث‏:‏ ‏(‏إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عليه‏)‏‏.‏

ومن الفصل قول عمر بن أبي ربيعة‏:‏

لَئِنْ كانَ إيَّاهُ لقَدْ حالَ بَعْدَنا *** عن العَهْدِ والإنْسانُ لا يَتَغَيَّرُ

-4 مَتى يجبُ انفِصالُ الضَّميرِ‏:‏

يجبُ انْفصالُ الضميرِ في مَواضعَ كثيرة أَشْهَرُها‏:‏

‏"‏أ‏"‏ عندَ إرادَةِ الـحَصْرِ كما إذا تَقَدَّم الضَّميرُ على عَامِلِه نحو ‏{‏إيَّـاكَ نَعْبُدُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏4‏"‏ من سورة الفاتحة ‏"‏1‏"‏‏)‏‏.‏ أو تأخَّرَ ووَقَعَ بعد إلاَّ نحو ‏{‏أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدوا إلاَّ إيَّاه‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏ أو وَقَعَ بعد إنَّما، ومنْهُ قَوْلُ الفرزدق‏:‏

أنَا الذَّائِذُ الحَامِي الذَّمَارَ وإنَّما *** يُدافِعُ عن أحْسَابِهمْ أنا أو مِثلِي

‏(‏المعنى‏:‏ ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا، والذَّائذ‏:‏ المانع، والذَّمار‏:‏ ما لزم الشخصُ حفظَه‏.‏

‏"‏ب‏"‏ أنْ يَكُونَ عامِلُهُ مَحْذُوفًا كما في التَّحْذير نحو ‏"‏إيَّاك والكَذِبَ‏"‏‏.‏

‏"‏ج‏"‏ أنْ يكونَ عا ملهُ معْنَويًَّا نحو ‏"‏أنا مؤْمِنٌ‏"‏‏.‏

‏"‏د أن يكْونَ عامِلُهُ حَرْفَ نَفيٍ نحو ‏{‏مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏‏.‏

‏"‏هـ‏"‏ أنْ يُفْصِلَ مِنْ عَامِلِهِ بمتبوعٍ له نحو ‏{‏يُخْرَجُونَ الرَّسُولَ وإيَّاكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏1‏"‏ من سورة المجادلة ‏"‏58‏"‏‏)‏‏.‏

‏"‏و ‏"‏أن يُضافَ المصدرُ إلى مَفْعُولِه، ويرفعَ الضميرُ نحو قوله‏:‏ ‏"‏بِنَصرِكُمْ نَحْنُ كُنْتُمْ ظافرين‏"‏‏.‏ سواءٌ كانَ مفعولُهُ المُضَافُ إليه ضميرًا كما مُثِّلَ أو اسْمًا ظَاهِرًا نحو‏:‏ ‏"‏عَجِبْتُ من ضَرْبِ زيدٍ أنتَ‏"‏‏.‏

‏"‏ز‏"‏ أنْ يُضَافَ المصدرُ إلى فاعله، وينصب الضمير نحو ‏"‏سرَّني إكرامُ الأميرِ إيَّاكَ‏"‏‏.‏

ضميرُ الشَّأن والقِصَّة‏:‏

إذا وَقَعَ قبْلَ الجُملةِ ضَميرٌغَائِبٌ، فإنْ كان مُذكَّرًا يُسمَى ضمير الشَّأْنِ، نحو ‏"‏هو زيدٌ مُنْطَلِقٌ‏"‏ ونحو‏{‏قُلْ هو الله أحد‏}‏، وإنْ كان مُؤَنًّثًا يُسَمَّى ضميرَ القِصَّة نحو ‏{‏فإنَّها لا تَعْمَى الأبْصَار‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏46‏"‏من سورة الحج ‏"‏22‏"‏‏)‏، ويعودُ ضميرُ الشَّأنِ والقصة إلى ما في الذِّهن من شَأْنٍ أو قِصَة، وهما مَضْمُونُ الجُمْلة التي بَعْدَ أحَدِهِما‏.‏

وضَميرُ الشأنِ لا يَحتاجُ إلى ظَاهِرِ يَعودُ عَليْه، بخلاف ضَميرِ الغَائِب، وضميرُ الشَّأنِ لا يُعْطَف عَلَيه، ولا يُؤَكَّد، ولا يُبْدَلُ منه لأنَّ المَقْصودَ منه الإبْهَامُ، ولا يُفَسَّر إلا بجُمْلةٍ، ولا يُحذف إلاَّ قليلًا، ولا يجوز حذف خبره، ولا يتقدم خبره عليه ولا يخبر عنه بالذي، ولا يَجوزُ تثنيتُة ولا جَمعُه، ويكونُ لِمُفَسِّرِه مَحَلٌّ من الإعراب، بخلاف سائر المُفَسرات، ولا يُستعملُ إلا في أمرٍ يُرادُ منه التَّعْظِيم والتَّفخيم ولا يجوزُ إظْهار الشَّأن والقِصَّة‏.‏ ويكون مستترًا في باب ‏"‏كَادَ‏"‏ نحو‏{‏مِنْ بعدِ مَا كَادَ يَزيغُ قلوبُ فَريقٍ مِنهم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏117‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏، وبارِزًا متَّصلًا في باب ‏"‏إن‏"‏ نحو‏{‏إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ ويَصْبِرْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏90‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏‏.‏

وبارِزًا مُنفصلًا إذا كان عامِلُه مَعْنَويًّا نحو ‏{‏هُوَ اللَّه أحَد‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏1‏"‏ من سورة الإخلاص‏"‏112‏"‏‏)‏‏.‏

ويجبُ حَذْفه مع ‏"‏أَنْ‏"‏ المَفْتوحةِ المخفَّفَةِ نحو ‏{‏وآخِرُ دَعْواهُم أَنِ الحَمْدُ للَّهِ ربِّ العَالَمِين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏‏.‏ أي أنه‏.‏

وأمَّا المتَّصِل بالفاعل المتَّقَدم المُفَسَّر بالمَفْعُول المتَأخِّر فالصَّحيحُ قصْره على السَّماع نحو‏:‏

كَسَا حِلْمُه ذَا الحِلْمِ أَثْوابَ سُؤْدُدٍ *** ورَقَّى نَداهُ ذا النَّدى في ذُرَى المَجْدِ

ضَميرُ الفَصْلِ الذي لا مَحلَّ لَهُ مِنَ الإعْراب‏:‏

-1 قَدْ يَقَعُ الضَّمِيرُ المنفصلُ المرفوعُ في موقعٍ لا يُقْصَدُ به إلاّ الفَصْل بينَ ما هو خبَر وما هو تابع، ولا مَحلَّ له من الإعراب ويقعُ فصلًا بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله مبتدأ وخبر نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنْ كانَ هَذَا هوَ الحَقُّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏32‏"‏ من سورة الأنفال ‏"‏8‏"‏‏)‏، ‏{‏وكُنْتَ اَنْتَ الرقِيبَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏117‏"‏ من سورة المائدة‏"‏، ‏{‏وكُنَّا نَحْنُ الوارِثينَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏58‏"‏من سورة القصص ‏"‏28‏"‏‏)‏‏.‏ فـ ‏"‏هُوَ‏"‏ و ‏"‏أنْتَ‏"‏ و ‏"‏نحنُ‏"‏ ضمائر فصلٍ لا محلَّ لها من الإعراب و ‏"‏الحَقَّ‏"‏ في المثل الأول خبر ‏"‏كان‏"‏ وفي الثاني ‏"‏الرَّقِيبَ‏"‏ خبر‏"‏كنتَ‏"‏ وفي الثالث ‏"‏الوارثين‏"‏ خبر ‏"‏وكُنَّا‏"‏ ومثله ‏{‏تَجِدُوهُ عْندَ اللَّه هُوَ خَيْرًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏20‏"‏ من سورة القصص ‏"‏28‏"‏‏)‏ فهو ضميرُ فصلٍ لا محلَّ له من الإعرابِ، و ‏"‏خيرا‏"‏‏:‏ مفعولٌ ثانٍ لتَجِدُوهُ، ولضَمِير الفَصْل شروط وفوائد‏.‏

-2 يُشْتَرط فيما قَبْلَه أَمْران‏:‏

‏(‏1‏)‏ كونُه مُبْتَدًا في الحَالِ، أو في الأصل نحو ‏{‏أولئكَ هُمُ المفلحون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏157‏"‏من سورة الأعراف ‏"‏7‏"‏‏)‏‏.‏

‏{‏كنتَ أنتَ الرقيبَ عليهم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏117‏"‏من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏‏.‏

‏{‏تجدُوه عندَ اللّهِ هُوَ خَيْرًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏20‏"‏ من سورة المزمل‏"‏73‏"‏‏)‏‏.‏

‏{‏إنْ تَرَني أنَا أقلَّ مِنْك مَالا وَوَلَدًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏39‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ الثَاني كونُه مَعرفَة كما مثِّل‏.‏

-3 يشترط فيما بعده أمران‏:‏

‏(‏1‏)‏ كونُه خبرًا لمبتدأٍ في الحال، أو في الأصل‏.‏

‏(‏2‏)‏ كونه معرفةٌ، أو كالمعرفة في أنَّهُ لا يقبل ‏"‏أل‏"‏ كما تقَّدم في ‏"‏خيرًا‏"‏ بآية ‏{‏تجدوه‏}‏، و ‏"‏أقلَّ‏"‏ بآية ‏{‏إن ترني‏}‏ وشرطُ الذي كالمعرفة أنْ يكونَ‏(‏وخالف في ذلك الجرجاني فألحق المضارع بالاسم لتشابههما وجَعل منه ‏{‏إنه هو يُبْدِئ ويُعيد‏}‏ وهو عند غيره توكيد أو مبتدأ‏)‏ واسمًا كما مثل‏.‏

-4 يُشْترطُ لَهُ في نَفْسِه أَمْران‏:‏

‏(‏1‏)‏أن يكون بصيغَةِ المَرْفوع فيمتنعُ‏:‏ زيد إياهُ العالم‏.‏

‏(‏2‏)‏ أن يُطابقَ ما قَبْلَه فلا يجوزُ‏:‏ كنتُ هو القاضل وإنما ‏"‏كنتُ أنا الفَاضِلَ‏"‏ فأمَّا قول جرير‏:‏

وكائِنٍ بالَأبَاطِح مِنْ صَدِيقٍ *** يَرَاني لوأُصِبْتُ هو الـمُصَابَا

وقياسهُ‏:‏ يرانِي أنا، وأوَّلوا هذا بأوْجه منها‏:‏ أنَّه ليس فَصلًا، وإنما هو توكيدٌ للفاعل في ‏"‏يَرَانِي‏"‏ أي الصديق‏.‏

-5 فوائد ضمير الفصل‏:‏

فوائِدُه منها الَّلفْظي، ومنها المعنوي‏.‏

أمَّا اللَّفظي‏:‏ فهو الإعلامُ مِنْ أوَّلِ الأمرِ بأنَّ ما بَعْدَه خَبرٌلا تابع‏.‏

وأمَّا المَعْنَويّ‏:‏ فله فائِدتان‏:‏

‏(‏الأولى‏)‏ هي التوكيدُ لذلك بني عليه أنَّه لا يُجامِعُ التَّوكيد، فلا يقال‏:‏ ‏"‏ زَيدٌ نفسُه هو الفاضل‏"‏‏.‏

‏(‏الثانية‏)‏ هي الاخْتِصاص، وهو أنَّ ما يُنْسَب إلى المُسْنَد إليه ثابتٌ لهُ دون غيره نحو‏{‏وأولئك هم الـمفلحون‏}‏‏.‏ ‏(‏الآية ‏"‏5‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

-6 محلُّه من الإعراب‏:‏

يَقُول البصريُّون‏:‏ إنه لا محلِّ لهُ من الإعراب، ثُم قال أكثرُهم‏:‏ إنَّه حرفٌ، وعند الخليل‏:‏ اسم، غير معمول لِشَيءٍ وقد يَحتمل إعرابُ ضميرِ الفصل أوُجُهًا منها‏:‏ الفَصْلِيَّة التي لا مَحلَّ لها، والتَّوكيدِ في نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كنتَ أنتَ الرَّقِيب عَلَيهم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏117‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏، ونحو‏{‏إنْ كُنَّا نحْنُ الغَالبين‏}‏‏(‏الآية ‏"‏113‏"‏ من سورة الأعراف ‏"‏7‏"‏‏)‏، ولا وجهَ للإبْتداءُ لانتصاب ما بعده، ومنها‏:‏

الفَصْلِية والإبتداءُ في ونحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏165‏"‏ من سورة الصافات ‏"‏37‏"‏‏)‏ ولا وجْهَ للتوكيد لدُخُول اللام‏.‏

ومنها‏:‏ احْتِمالُ الثَّلاثةِ‏:‏ الفَصْلِيَّةُ والتَّوكيدِ والإبتداءِ في نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏109‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏‏.‏

-7 ومن مسائل سيبويه في الكتاب ‏"‏قَـْد جرَّبتُكَ فكنتَ أنْتَ أنْتَ‏"‏‏.‏

الضميران‏:‏ مبتدأ وخبر، والجملة خبر كان، ولو قدرنا الأول فصلًا أو توكيدًا لقلنا ‏"‏أنتَ إيَّاكَ‏"‏‏.‏

الضَميرُ البَارزُ‏:‏

‏(‏= الضمير 2/1‏)‏

الضمير المتصل‏:‏

‏(‏=الضمير 2 ب‏)‏‏.‏

الضَّميرُ المستتر‏:‏

‏(‏=الضمير 2/2‏)‏‏.‏

الضميرُ المنفصل‏:‏

‏(‏=الضمير 2 أ‏)‏‏.‏

الضميرُ وعَوْدَهُ على مَتَأخرٍ لفظًا ورتبة‏:‏

الأصلُ ألاّ يَعُودَ الضميرُ على مُتأخِّر لفْظًَا‏(‏أما أن يعود على متأخر لفظًا فقط فجاز في جميع الأحوال نحو ‏"‏في داره زيد‏"‏ فالهاء تعود على زيد في اللفظ في الرتبة، فرتبة زيد التقديم لأنه مبتدأ‏)‏‏.‏ ورتبةً ‏(‏‏"‏الرتبة‏"‏ هي أن الأصل في الفاعل ونائبه التقدم على المفعول به، والمبتدأ مقدم على الخبر، ورتبته الجار والمجرور والظرف بعد المفعول به، ومثل ذلك اسم ‏"‏إن‏"‏ و ‏"‏كان‏"‏ وهكذا‏.‏‏)‏، وقد يعودُ، وذلك إذا كانَ الضميرُ مُبْهَمًا محْتَاجًا إلى تَفْسيرٍ وذلك في خمسِ مَسَائل‏:‏

‏(‏1‏)‏ أن يَكُونَ مُبْدلًا منه الظاهر المُفَسِّر له نحو ‏"‏أَكْرَمْتَه إيَّاكَ‏"‏ ومما خَرجوا على ذلك ‏"‏اللهم صلِّ عليه الرؤوفِ الرحيم‏"‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ تمييزه، وذلك من باب ‏"‏ نعم رجلًا ‏"‏ ‏(‏ففي نعم ضمير مستتر هو الفاعل ويعود على ‏"‏رجلًا ‏"‏ والتقدير‏:‏ نعم الرجل رجلًا، ورجلًا هو التمييز‏)‏ و ‏"‏ربَّهُ رجلًا‏"‏‏.‏

‏(‏3‏)‏ أن يكونَ مخبرًا عنه فيُفَسِّره خبرُه، نحو‏{‏إنْ هِيَ إلاّ حَيَاتُنا الـدُّنْيَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏29‏"‏ من سورة الأنعام ‏"‏6‏"‏‏)‏‏.‏ ومنه ‏"‏هي النَّفْسُ تَحمِل ما حُمِّلت‏"‏‏.‏

‏(‏4‏)‏ أن يكونَ خبرُه الجملةَ وهو ضَمِيرُ الشَّأن والقصَّة، ويجوزُ فيه التأنيثُ والتذكير،

‏(‏=ضمير الشَّأْنِ والقصة‏)‏‏.‏

‏(‏5‏)‏ أنْ يكونَ مُتَّصِلًا بفاعِلٍ مُقدَّم، ومُفسَّرًا مَفعولٌ مُؤخَّر كـ ‏"‏نَصحَ والدُه محمدًا ‏"‏ وعليه قول حسان بن ثابت‏:‏

ولو أنَّ مجْدًا أخلَد الدهرَ واحدًا *** من الناسِ أَبْقَى مجدُه الدهرَ مُطْعِما

ونحو قول الشاعر‏:‏

كَسَا حِلمُه ذَا الحِلْمِ أثْوابَ سَؤْدُدٍ *** ورقّى نَدَاه ذَا النَّدَى في ذُرَى المجدِ

باب الطاء

طَالَمَا‏:‏

مُرًكَّبَةٌ مِنْ ‏"‏طَالَ‏"‏ الفعلِ الماضي ومَعْناه‏:‏ امْتَدَّ، و ‏"‏ما‏"‏ الكافِّةِ فكَفَّتْها عن طَلَبِ فاعِلٍ ظاهرٍ أو مُضْمَرٍ، ‏"‏مَا‏"‏ عِوَضٌ عنِ الفَاعِلِ نحو‏:‏ ‏"‏طالَمَابَحثْتُ عَنْ صَديقٍ‏"‏‏.‏

وحَقُّها أن تكتَبَ مَوصُولة كما في ‏"‏رُّبَّما‏"‏ وأخواتها، و ‏"‏قلَّما‏"‏ هذا إذا كانت

كافةً فإذا كانت مصدرية فليس إلاّ الفصلُ‏.‏

طُرَّا‏:‏

من ألفاظ الإحاطة، تقول‏:‏ ‏"‏جَاؤوا طُرًّا‏"‏ أي جَمِيعًا وهو مَنْصُوبٌ على المَصدرِ أو الحال، وقال سِيبَويه‏:‏ ولا تُسْتَعْمَلُ إلاَّ حَالًا، وهي مما لا يَنْصرف، أي لا تكون إلا حالًا‏.‏

طَفِقَ‏:‏

كـ ‏"‏عَلِمَ وضَرَبَ‏"‏ من أفعال الشروع خبرِها خَاصة بالإثبات، وهي مَن النَّواسِخِ، تَعْمَلُ عَمَلَ كانَ إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجبُ أنْ يَكُونَ جُمْلَةً فِعْليَّةً مِنْ مُضارِعٍ فاعِلُه يعودُ على الاسم قبلَه، ومُجَرَّدٍ من ‏"‏أنْ‏"‏ المصدرية‏.‏ ولا يكونُ خبرُها مُفْردًا، وأمَّا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَطَفِقَ مَسْحًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏33‏"‏ من سورة ص ‏"‏38‏"‏‏)‏‏.‏

فالخبرُ محذُوفٌ لدلالَة مَصْدَرِهِ عليه ‏"‏مَسْحًا‏"‏‏:‏ مَفْعولٌ مُطْلَق لا خبر، أي فطفقَ يَمْسَحُ مَسْحًا‏.‏

وتَعْملُ مَاضيًا ومُضارِعًا، فالمَاضِي كما مُثّل والمضارعُ نحو‏:‏ ‏"‏يَطْفِقُ الحَجيجُ يَعودُ إلى بِلادِهِ‏"‏‏.‏

واسْتُعْمِل مَصْدَرُها؛ حكى الأَخْفش‏:‏ ‏"‏طَفَقَ طُفُوقًا‏"‏ بفتح الفاءِ في الماضي ومن كَسَرَ الفاء في الماضي قال‏:‏ ‏"‏طَفِق طَفَقًا‏"‏‏.‏

طقْ‏:‏

اسمُ صوتٍ لحكايةِ سُقُوطِ الحجَر‏.‏ ‏(‏=أسماء الأصوات‏)‏‏.‏

باب الظَّاء

ظُبُون‏:‏

مُلْحَقٌ بجمعِ المذكَّرِ السَّالِم، أيْ يُرفَعُ بالواو ويُنْصبُ ويُجَرُّ بالياءِ ومُفْردُهُ‏:‏ ظُبَةٌ، وهو حَدُّ السيف‏.‏

ظَرْفُ الزَّمَان‏:‏

‏(‏=المفعول فيه‏)‏‏.‏

ظَرْفُ المَكانِ‏:‏

‏(‏=المفعول فيه‏)‏‏.‏

ظلَّ‏:‏

‏"‏ظَلَّ يَفْعَلُ كذا‏"‏ إذا فعله بالنَّهارِ وهو‏:‏

‏(‏1‏)‏ مِنْ أخَواتِ ‏"‏كان‏"‏ نحو قولِ عمرو بن مَعد يكرب‏:‏

ظَلِلْتُ كأني للرِّمَاحِ دَريَّةٌ

ويُقالُ مع ضميرِ الرَّفْعِ المتحرك‏:‏ ‏"‏ظَلِلْتُ، وظَلْتُ، وظِلْتُ‏"‏‏.‏ وهي تامَّة التَّصَرُّفِ، وتُسْتَعْمَلُ مَاضِيًا ومُضارِعًا وأمْرًا ومَصْدَرًا وتَشتَرِكُ مع ‏"‏كانَ‏"‏ بأحكامٍ‏.‏

‏(‏=كانَ وأخواتها‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ قد تُسْتعملُ ‏"‏ظَلَّ‏"‏ تامَّةً فتحتاجُ إلى فاعلٍ وذلكَ إذا كانتْ ‏"‏ظَلَّ‏"‏ بمَعنَى دَامَ واستَمَرَّ نحو‏:‏ ‏"‏ظَلَّ اليومُ‏"‏ أيْ دامَ ظِلُّهُ‏.‏

ظَنَّ‏:‏

‏(‏1‏)‏ مِنْ أفْعَالِ القلوبِ، وتُفيدُ في الخبر الرُّجْحان واليَقِيقن والغالِبُ كونُها للرُّجْحَانِ‏.‏

تَتَعَدَّى إلى مَفْعُولَينِ أَصْلُهُما المُبْتدأُ والخبرُ، مِثَالُها في الرُّجحان قول الشاعر‏:‏

ظَنَنْتُكَ إنْ شَبَّتْ لَظَى الحَرب صَالِيًا *** فَعَرَّدْتَ فِيمَن كانَ عَنْها مُعرِّدًا

‏(‏‏"‏صاليًا‏"‏ هي المفعول الثاني، ومعنى‏"‏عردت‏"‏ انهمزت وجبنت‏)‏‏.‏

ومثالُها في اليَقين قولُه تعالى‏:‏

‏{‏الذين يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏46‏"‏من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ ‏"‏ظَنَّ‏"‏ بمعنى اتَّهَمَ وَتَنْصِبُ مَفْعولًا واحدًا تقولُ ‏"‏ظَنَنْتُ فلانًا‏"‏

أي اتَّهَمتُه ومنه قوله تعالى في قراءة‏{‏وَمَا هُوَ عَلى الغَيْبِ بِضَنِين‏}‏

أي بمُتَّهم، والقراءة المشهورة‏:‏ بضنين‏:‏ أي ببخيل‏.‏ ‏(‏=المتعدي إلى مفعولين‏)‏‏.‏

لَفْظ ‏"‏تقُول‏"‏ تَعْمل عَمَل ظَنَّ‏:‏

قد تَأْتي ‏"‏تَقُول‏"‏ بمعْنَى تَظُن، ولكن بِشُروطٍ عِنْد الجُمْهور‏:‏

الأَول‏:‏ أنْ يكونَ مُضَارِعًا‏.‏

الثاني‏:‏ أنْ يكونَ مُسنَدًا إلى المخاطب‏.‏

الثالث‏:‏ أنْ يُسبَق باسْتِفهامٍ حَرْفًا كان أو اسْمًا، سمع الكِسَائي‏:‏ ‏"‏أَتَقُولُ للعُميان عُقْلًا‏"‏ وقال عمرو بن مَعْدِ يكَرِب الزُّبَيْدِي‏:‏

عَلامَ تَقُول الرمْحَ يُثْقل عاتقي *** إذا أَنَا لم أطْعُن إذا الخَيْل كُرَّت

ومثلُه قول عمر بن أبي ربيعة‏:‏

أمَّا الرَّحِيلُ فدُونَ بَعْدَ غَدٍ *** فمتى تَقُولُ الدارَ تجمَعُنا

الرَابع‏:‏ ألَّا يَفْصل بينَ الاسْتِفْهام والفِعْل فاصِلٌ، واغْتُفِر الفصلُ بظَرْفٍ أو مَجرُورٍ، أو مَعْمولِ الفِعْل‏.‏

فالفصلُ بالظَّرف قولُ الشَّاعِر‏:‏

أبَعْدَ بُعْدٍ تَقُولُ الدارَ جامِعَةً *** شَمْلِي بهم أَمْ تَقُولُ البُعدَ مَحْتُومًا

والفَصْل بالمجرور مثل‏:‏ ‏"‏أفي الدَارِ تَقُول زَيدًا جَالِسًا‏"‏ والفصل بالمعمول كقول الكميت الأسدي‏:‏

أجُهَّالًا تَقُولُ بَني لُؤَيَّ *** لَعَمْرُ أَبِيكَ أمْ متجاهلينا

هذا وتجُوز الحِكايَة مع استِيفاءِ الشَّروط نحو‏{‏أمْ تَقُوُلُون إنَّ إبراهيم‏}‏ الآية‏.‏

وكما رُوِي في بيت عَمْرو بن معد يكرب‏:‏ تقول الرمحَ يُثقل عاتَقِي‏.‏

والأصل‏:‏ أن الجملة الفعليَّة، وكذا الإِسميَّة تُحْكى بعد القول ويُسْتَثنى ما تقدم‏.‏

باب العَيْن

عَادَ تعملُ عَمَلَ كانَ‏:‏

تقول‏:‏ عاد الوقت رَبيعًا‏.‏

‏(‏=كان وأخواتها 2 تعليق‏)‏‏.‏

العَائِدُ في الموصول‏:‏

‏(‏=الموصول الإسمي 5 و 8‏)‏‏.‏

عَالَمُون‏:‏

مُلْحَقٌ بِجَمْعِ المُذَكَّر السَّالِم ويُعرَبُ إعْرابهَ ‏(‏=جمع المذكر السالم‏)‏‏.‏

عَامَّة‏:‏

قد تأْتِي تَأكِيدًا للجمعِ، وذلكَ أذا لَحِقَها ضَمِيرُ المُؤَكَّد وَتكُون تَابِعَةً في إعْرابها له تَقُول‏:‏ ‏"‏حَضَر الطلاَّبُ عامَّتُهُمْ‏"‏‏.‏

وقد تَأْتِي حالًا وذلك إذا نُكّرت وأَتَتْ بعدَ جَمْعٍ نحو‏:‏ ‏"‏جاءَ القومُ عَامَّةً‏"‏‏.‏

وبِغَير هَذِيْن المَوْضِعَيْن تكونُ حَسْبَ مَوْقِعِها من الكَلام تقولُ‏:‏ ‏"‏عامَّةُ النَّاسِ صَائمون‏"‏‏.‏

العَتَمَة‏:‏

هي ثُلُث الليل الأَوَّل تقولُ‏:‏ ‏"‏آتِيكَ عَتَمَةَ اللَّيْلِ‏"‏ أو عَتَمَةً، وهي مَفْعولٌ فيه ظرفُ زَمان منصوب‏.‏

عَدَا‏:‏

لها ثَلاثَةُ أوْجُهٍ‏:‏

‏(‏1‏)‏ أن تكونَ فِعْلًا، غَيرَ مُتَصرّفٍ مُتَعَدِّيًا نَاصِبًا للمُسْتَثْنى على المَفْعُولِيَّة، وفَاعِلُها‏:‏ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ وُجُوبًا يَعُودُ على مَصدَرِ الفِعلِ المُتَقَدِّمِ عليها، فإذا قُلْنَا‏:‏ ‏"‏سَافَرَ القَوْمُ عَدَا خَالِدًا‏"‏ فالمُرادُ‏:‏ عدا سَفَرهم خالدًا‏.‏

‏(‏2‏)‏ أنْ تدخُلَ ‏"‏ما‏"‏ المصدريَّةُ عليها وجبُ عندَ ذلكَ نَصْبُ مَا بَعدَها، لأَنَّ ‏"‏مَا‏"‏ المصْدريَّةَ لا تَدْخُل إلا على فِعل، نحو قولِ الشَّاعر‏:‏

تُمَلَّ النَّدامَى مَا عَدَاني فَإنَّني *** بكلِّ الذِي يَهْوى نَدِيمِيَ مُوَلعُ

و ‏"‏ما‏"‏ مع ما بَعْدَها في تأويل المَصدَر‏:‏ في محلِّ نصبٍ بالاتفاق، قيلَ على الحال، وقيل على الظَّرف، فإذا قُلْنا‏:‏ ‏"‏حَضَرَ القَوْمُ مَا عَدا عليًّا‏"‏‏.‏

فالمعنى على الأول‏:‏ حضَروا مجاوِزِينَ عليًّا، وعلى الثاني‏:‏ حضَرُّوا وَقْتَ مُجَاوَزَتِهمْ عليًّا‏.‏

‏(‏3‏)‏ أن تكونَ حَرْفًا جَارًَّا للمُسْتثنى وذلكَ إذا خَلَتْ مِنْ ‏"‏مَا‏"‏ المصْدَرية فيجوزُ اعتبارُها فِعْلًا فتنصبُ ما بَعْدَها على أنَّه مَفْعولٌ به كما تقدم‏.‏ أو حَرْفًا فَتَجُرَّه، ولا تَعَلُّقَ لها بما قَبْلها، وهي مع مَعْمُولِها _بحالة الجر_

في مَوضِع نَصب بتَمامِ الكلام وهو الصواب‏.‏

ولها أحكام ‏"‏بالمُسْتَثْنى والجار والمجرور‏"‏‏.‏

‏(‏=المُسْتَثنى والجار والمجرور‏)‏‏.‏

العَدَد‏:‏

-1 أَصْلُ أسمائه‏:‏

أصلُ أسماء العدد اثْنَتَا عَشْرةَ كَلِمة وهي‏:‏

‏"‏واحدٌ إلى عَشَرةٍ‏"‏ و ‏"‏مَائةٌ‏"‏ و ‏"‏أَلفْ‏"‏ وما عداها فروعٌ إمَّا بِتَثْنِيَة كـ ‏"‏مائَتَين‏"‏ و ‏"‏أَلْفَين‏"‏ أو بإلحاقِ علامَةِ جَمْع كـ ‏"‏عشرين‏"‏ إلى ‏"‏تِسْعِين‏"‏ أو بعَطْفٍ كـ ‏"‏أحدٍ ومائة‏"‏ و ‏"‏مائة وألف‏"‏ و ‏"‏أحدَ وعشرين‏"‏ إلى ‏"‏تَسْعَةٍ وتسعين‏"‏‏.‏ و ‏"‏أحدَ عشَر‏"‏ إلى ‏"‏تسعةَ عَشَرَ‏"‏‏.‏ لأنَّ أصْلَها العَطْفُ، أو بإِضَافةِ كـ ‏"‏ثَلاثِمائةٍ وعَشْرةِ آلاَفٍ‏"‏ وهاك تَفْصِيلَها‏.‏

-2 الوَاحدُ والاثنان‏:‏

للواحِدِ والاثْنَان حُكْمَان يُخالِفَان الثَّلاَثَة و العَشَرةَ وما بَيْنهُما‏.‏

‏(‏أحدُهُما‏)‏ أنَّهما يُذْكَّرانِ مع المُذَكَّرِ فتَقُول‏:‏ ‏"‏أحدٌ وواحِدٌ‏"‏ و ‏"‏اثْنان‏"‏ ويُؤنَّثانِ معَ المُؤَنَث فتقول‏:‏ ‏"‏إحْدَى واحدةٌ واثْنَتَان‏"‏ على لغة الحجازيين و ‏"‏ثنْتَان‏"‏ على لغةِ بَني تميم‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ أنهُ لا يُجْمَعُ بَيْنَهُما وبَيْنَ المَعْدُود، فلا تَقُول‏:‏ ‏"‏واحدُ رَجُلٍ‏"‏‏.‏ ولا ‏"‏اثْنَا رَجُلَين‏"‏ لأنَّ قولك ‏"‏رَجُل‏"‏ يفيدُ الجِنْسيَّةَ والوَاحدَة وقولَك ‏"‏رجُلانِ‏"‏ يفيدُ الجِنْسِيَّة وشَفْعَ الوَاحدِ، فلا حَاجةَ إلى الجمع بينهما‏.‏

-3 من الثَّلاثَةِ إلى العَشَرة وما بَيْنَهما إفرادًا وتَرْكِيبًا‏:‏

لها ثلاثَة أحوال‏:‏

‏(‏الأول‏)‏ أنْ يُقْصَد بها العَددُ المُطْلَق، وحينئذٍ تَقْتَرنُ بـ ‏"‏التاء‏"‏ في جَميعِ أحْوالها نحو ‏"‏ثلاثَةُ نِصْفُ سِتَّةَ‏"‏ ولا تَنْصَرِفُ لأنها أعلامٌ مُؤَنَّثَةَ‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ أنْ يُقصَدَ بِها مَعْدُودٌ ولا يُذْكَر فبَعْضُهم يَقْرِنُها بالتاء للمذَكَّر وبحَذْفِها للمُؤَنَّث كما لو ذكر المعدود_على أصلِ القاعدة كما سيأتي_ فتقولُ‏:‏ ‏"‏صُمْتُ خَمْسةً‏"‏ تُريدُ أيَّامًا و ‏"‏سهِرْتُ خَمْسًا‏"‏‏.‏ تُريدُ لَيَالي، ويجوزُ أن تُحذَفَ التاء في المذكَّر‏.‏

كالحَديث ‏(‏ثم أَتْبَعَهُ بسِتٍ من شَوَّال‏)‏ وبقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أرْبَعة أَشْهرٍ وعَشْرًا‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَتَخَافَتُونَ بينَهم إن لَبِثْتُم إلا عَشْرا‏}‏ ‏(‏يقول النوويُّ في المَجموع نقلًا عن الفراء وابن السكيت‏:‏ إذا لم يُذكر المعدود المذَكَّر، فالفصيحُ أن تبقى بدُون تاء، لما في صحيح مسلم ‏(‏من صَام رمضان وأَتْبَعَهُ بسِتٍ مِن شَوَّال، فَكأنَّما صامَ الدَّهر‏)‏، وقال أبو إسحاق الزَّجَّاج في تَفسير قولِه تَعَالى ‏{‏أربعةَ أَشْهر وعَشْرًا‏}‏‏:‏ إجماعُ أهل اللغة‏:‏ ‏"‏سِرْنا خَمسًا بين يومٍ وليلةٍ‏"‏ ومثلُه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَتَخَافَتُون بينهم إن لبثتم إلا عشرًا‏}‏ أي عَشرة أيام، وبدليل قوله تعالى ‏{‏إذ يقول أمثلهم طريقة، إن لَبثتم إلاَّ عشرًا‏)‏‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ أن يُقْصَدُ بها مَعْدُودٌ ويُذكَر، وهذا هو الأصل، فلا تُستَفادُ العِدَّةُ والجِنس إلاَّ من العَدد والمَعدُود جميعًا، وذلك لأنَّ قَولَك ‏"‏ثَلاثَة‏"‏ يفيدُ العِدَّةَ دونَ الجِنْسِ، وقولك ‏"‏رِجال‏"‏ يُفيدُ الجنس دُونَ العِدَّة، فإذا قَصَدتَ الإفادَتَين جَمعتَ بين الكَلِمَتَين‏.‏

فمكمُ الثَّلاثةِ حَتى العَشَرة في ذِكر المَعْدُودِ‏:‏ وُجوبُ اقتِرانِها بالتاءِ في المُذَكَّر، وحَذفُ التَّاء في المؤنَّث تقولُ ‏"‏ثَلاثَةُ رِجالٍ‏"‏ بالتاءِ و ‏"‏تسْعُ نِسْوَةٍ‏"‏ بتركها، قال تعالى‏:‏ ‏{‏سَخَّرَها عَليهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وثَمَايِيَةَ أيَّامٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏7‏"‏ من سورة الحاقة ‏"‏69‏"‏‏)‏‏.‏ هذا في الإِفْرَاد‏.‏

أما في حَال التَّركيب فإن كانَ من ثَلاثَ عَشَر إلى بِسعة عَشَر، فحُكم الجُزءِ الأَوَّل وهو من ثَلاثٍ إلى تَسع مُرَكبًا حُكْمُ التَّذكيرِ والتَّأنيثِ قبلَ التركيب - أي المُخَالَفَة وهي تأنِيثُها للمذَّكرِ، وتَذكِيرها للمُؤنَّث -‏.‏

وما دُون الثلاثة - وهُوَ الأحد والإثنان في التركيب - فعلى القياس، إلاَّ أنَّك تأتي بـ ‏"‏أحَد‏"‏ و ‏"‏أحدى‏"‏ مكان‏:‏ واحدٍ وواحِدَةٍ‏.‏

أما ‏"‏العَشْرَةُ‏"‏ في التركيب فتُوافِقُ في التَّذكيرِ والتَّأنِيثِ على مُقْتَصى القِياس‏.‏ تُسَكَّنُ شِينُها إذا كانَت بالتاء، وأما ‏"‏ثَمَاني‏"‏ ‏"‏=ثماني‏"‏‏.‏

وتُبْنَى الكَلِمتَان - في حالَةِ التَّركيب - على الفَتح إلاَّ ‏"‏اثنتَا واثنا عشر واثنتي عَشْرَةَ واثْنَتا‏"‏ فيُعْرَبانِ إعربَ المُلْحَق بالمُثَنَّى، فإذا جَاوَزْتَ ‏"‏التسعةَ عَشَرَ‏"‏ في التَذكيري، و ‏"‏تسعَ عَشْرة‏"‏ في التَأنيثِ فتقول‏:‏ ‏"‏عَشْرون عالمًا، وثَلاثُون امرأَة‏"‏ ‏"‏وتِسْعُون تِلْمِيذًا‏"‏‏.‏

-4 ألفاظُ العَدَد في التمييز أربعةُ أنواع‏:‏

‏(‏1‏)‏ مُفْردٌ، وهو عَشْرة ألفاظ‏:‏ ‏"‏واحدٌ واثنان وعشرون إلى تسعين ومَا بَينَهما‏"‏ من العقود‏.‏

‏(‏2‏)‏ مُرَكَّب وهو تِسعةُ ألْفَاظٍ‏:‏ ‏"‏أحَدَ عشر وتِسعَةَ عَشَر ومَا بَيْنَهُما‏"‏‏.‏

‏(‏3‏)‏ معطوف وهو‏:‏ ‏"‏أحَدٌ وعشرون إلى تسةٍ وتسعينَ ومَا بينهما‏"‏‏.‏

‏(‏4‏)‏ مُضاف وهو أيضًا عَسرة ألفاظ‏:‏ ‏"‏مِائةٌ، وأَلفٌ، وثَلاثَة إلى عشرَة وما بينهما‏"‏‏.‏

-5 تمييز العُقود، والمركَّب، والمعطوف مِنَ العَدَد‏:‏

تمييز ‏"‏العِشرين والتِّسعين ومَا بينهما‏"‏، من العُقود، و ‏"‏الأحَدَ عَشَر إلى التِّسعة عَشَر وما بَيْنَهِما مِنَ المُركَّب، والأحد والعِشرين إلى التّسعة والتسعين وما بينهما‏"‏ من المعطوف، تَمييزُها جَمِيعًا مُفْردٌ مَنْصُوبٌ نحو‏{‏وَوَاعَدْنَا موسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأَتْمَمْناهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَربَعِينَ لَيْلَةً‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏142‏"‏ من سور الأعراف ‏"‏7‏"‏‏)‏ لا يجوز فَصلُ هذا التَّمييزِ عن المُميَّز إلا في الضَّرورة كقوله‏:‏

على أنَّني بعدَما قَد مَضَى *** ثَلاثون للهَجْر حَوْلًا كَمِيلًا

‏{‏إنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏4‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏، ‏{‏إنَّ عِدَّة الشُّهورِ عِنْدَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهْرًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏36‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏، ‏{‏إنَّ هَذا أَخي لَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجَةً‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏23‏"‏ من سورة ص ‏"‏38‏"‏‏)‏‏.‏

-6 تمييز المضاف من العَدَد‏:‏

أمَّا تمييز ‏"‏المِائَةِ والأَلف‏"‏ فمفردٌ مَجرورٌ بالإِضَافَةِ نحو ‏"‏مائِةُ رَجُلٍ‏"‏ و ‏"‏ثلاثُمائِة امْرأةٍ‏"‏، و ‏"‏ألفُ امْرأةٍ‏"‏ و ‏"‏عشْرةُ آلاف رَجُلٍ‏"‏‏.‏

وأمَّا مُمَيّزُ ‏"‏الثَّلاثَةِ والعشرةِ ومَا بينهما‏"‏ فإنْ كان اسمَ جنسٍ كـ ‏"‏شَجَر وتمر‏"‏ أو اسم جَمْع كـ ‏"‏قَوْم‏"‏ و ‏"‏رهْط‏"‏ خُفِضَ بـ‏:‏ ‏"‏مِنْ‏"‏، تقولُ‏:‏ ‏"‏ثلاثةٌ من الشَّجرِ غَرَسْتُها‏"‏ و ‏"‏عشْرَةٌ من القَومِ لَقِيتُهُم‏"‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَخُذْ أَرْبَعةٍ مِن الطَّير‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏260‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏، وقد يخفَضُ مُميَّزها بإضافَةِ العَدد إليه، نحو ‏{‏وَكانَ في المَدِينَةِ تِسعَةُ رهطٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏48‏"‏ من سورة النمل ‏"‏27‏"‏‏)‏، وقول الحُطَيئة‏:‏

ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَودٍ *** لَقَد جارَ الزَّمانُ على عِيالِي

‏(‏الذودُ من الإبل‏:‏ ما بين الثلاث إلى العشر‏)‏‏.‏

وإن كان جَمعًا خُفِضَ بإضافَةِ العَدَدِ إليه نحو ‏"‏ثلاثةُ رجالٍ‏"‏ و ‏"‏ثلاثُ نسوةٍ‏"‏‏.‏

-7 اعتِبَارُ التّذكير والتَّأنيث مع الجمع والجنس - ومع الجمع‏:‏

يُعتَبرُ التّذكير والتأنيث مع اسمَي الجمع والجِنْس، بحسب حالِهما، فيُعطَى العَدَد عَكسَ ما يَستَحِقُّه ضَميرُهما، فَتَقُول‏:‏ ‏"‏ثلاثَةُ من الغَنَم عِنْدي‏"‏ بالتاء لأَنك تَقُول‏:‏ غَنَمٌ كَثِيرٌ بالتَّذكيرِ و ‏"‏ثلاثٌ مِنَ البط‏"‏ بتركِ التَاء لأنَّك تَقُولُ‏:‏ بَطٌّ كثيرة بالتَّأنيث و ‏"‏ثلاثَةٌ مِنَ البَقَر‏"‏ أو ‏"‏ثلاث‏"‏ لأنَّ في البَقَر لُغَتَين التَّذكِير والتَّأنيث، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنَّ البَقَر تَشَابَه عَلَيْنَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏70‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏، وقُرئ‏:‏ تَشَبَهَتْ‏.‏

أمَّا مَع الجمعِ فيُعْتَبَرُ التَّذكِيرُ والتَّأنيثُ بحالٍ مُفْرَدة، فينظر إلى ما يستحقه بالنِّسبَةِ إلى ضميرِهِ، فيعكسُ حكمُه في العَدَد، ولذلك تَقول‏:‏ ‏"‏ثَلاثَةُ حمَّامات‏"‏ و ‏"‏ثلاثةُ طَلَحات‏"‏ و ‏"‏ثلاثةُ أشخُص‏"‏ لأنك تقولُ‏:‏ ‏"‏الحمَّامَ دَخَلتُه‏"‏ و ‏"‏طلْحَةُ حَضَر‏"‏ وتقولُ ‏"‏اشتَرَيْتُ ثَلاثَ دُورٍ‏"‏ بترك التاء لأنك تقولُ ‏"‏هذه الدَّارُ واسِعَةٌ‏"‏‏.‏

وإذا كانَ المَعدُودُ صِفَةً فالمعتَبر حَالُ المَوصُوفِ المَنْوِي لا حَالُها، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِهَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏160‏"‏ من سورة الأنعام ‏"‏6‏"‏‏)‏ أي عَشْرُ حَسَناتٍ أمْثَالِها، ولَولا ذلك لَقِيل عَشرة، لأنَّ المِثل مُذَكَّرٌ، ومثلُه قولُ عمر بن أبي ربيعة‏:‏

فكانَ مِجَنِّي دُونَ مَنْ كنتُ أتّقي *** ثَلاثَ شُخُوصٍ كاعِبَانِ ومُعْصِرُ

قال‏:‏ ثلاث شخوص، والأصل‏:‏ ثلاثة شخوص، لأنَّ واحدَه شَخْص، ولما فَسّر الشُّخُوص بـ ‏"‏كاعِبَان ومُعْصِر‏"‏ ‏(‏المُعْصر‏:‏ البالغةُ عصرَ شبابها‏)‏، جاز ذلك كالآية الكريمة، وتقولُ‏:‏ ‏"‏عَندِي ثلاثَةُ رَبَعات‏"‏ ‏(‏رَبَعات‏:‏ جمع رَبْعة، وهو‏:‏ ما بين الطويلُ والقَصِير يُطلق على المذكَّر والمُؤَنَّث‏)‏‏.‏ بالتَّاء إن قدَّرتَ رجالًا، وبتركِها إن قَدَّرتَ نساءً، ولهذا يقولون‏:‏ ‏"‏ثَلاثَةُ دَوَابَّ‏"‏ بالتاء إذا قَصَدوا ذُكورًا لأنَّ الدَّابَّةَ صِفَةٌ في الأَصْل، فكأنَّهم قالو‏:‏ ثَلاثَةُ أحمِرَةٍ دَوَابَّ، وسُمِع ثلاثُ دَوابّ ذكورٍ بترك التاءِ لأنهم أَجْرُوا الدَّابَّةَ مُجْرَى الجَامِد، فلا يُجرُونها على مَوْصُوف‏.‏

-8 حكمُ العدَد المُميَّز بشيئين‏:‏

في حَلَةِ التَّركِيبِ يُعْتَبَر حَالُ المُذكَّرِ تَقَدَّمَ أو تَأَخَّرَ إنْ كانَ لعَاقِلٍ، نحو ‏"‏عِندِي خَمْسةَ عَشَر رَجُلًا وامْرَأة‏"‏ أو ‏"‏امرأَةً ورَجُلًا‏"‏ وإنْ كانَ لِغَيرِ عَاقِل فللسَّابِق بشَرْطِ الاتِّصَال نحو ‏"‏عندي خَمسة عَشَرَ جَملًا ونَاقَةَ‏"‏ و ‏"‏خمسَ عَشْرَة نَاقَةً وجَمَلًا‏"‏ ومع الانفِصال فالعِبْرة للمؤنَّثِ نحو ‏"‏عِندي سِتَّ عَشْرةَ ما بَيْنَ نَاقَةٍ وجَمل‏"‏ أو ‏"‏مابَين جَمَلٍ وناقَةٍ‏"‏‏.‏

وفي حالِ الإضافةِ فالعبرة لِسَابِقِهما مُطلَقًا، نحو ‏"‏عندي ثمانيةُ رجالٍ ونِسَاءٍ‏"‏ و ‏"‏ثمانُ نساءٍ ورجَالٍ‏"‏‏.‏

-9 الأعدادُ التي تُضافُ للمَعدُود‏:‏

تقدَّم أنَّ الأعداد التي تُضَاف للمعدُود عَشْرَة‏:‏ وهي نوعان‏:‏

‏"‏أ‏"‏ الثلاثةُ والعشرة وما بينهما‏.‏

‏"‏ب‏"‏ المائةُ والألف‏.‏

فحَق الإِضافة في الثلاثة والعَششَرة وما بَيْنَهُما‏:‏ أن يَكُون جمعًا مُكَسَّرًا مِنْ أبنيَةِ القِلَّةِ نحو ‏"‏ثَلاثَةُ أَظْرُفٍ‏"‏ و ‏"‏أربَعَةُ أَعبُد‏"‏ و ‏"‏سبْعَةُ أَبحُر‏"‏‏.‏

وقد يَتَخَلَّفُ كُلُّ واحدٍ من هذه الأُمورِ الثلاثَةِ فتُضَافُ للمفرد، وذلكَ إذا كان مئة نحو ‏"‏ثَلاثِمائةٍ‏"‏ و ‏"‏تسْعِمِائةٍ‏"‏ وشَذَّ في الضَّرورة قولُ الفَرزدَق‏:‏

ثَلاثُ مئينَ للمُلُوكِ وَفَى بها *** رِدَائي وجَلَّتْ عن وُجُوهِ الأَهَاتم

‏(‏يفخر بأن رِدَاءه وَفيُّ بِدِيات مُلوكِ ثلاثة قتلوا في المعركة وكانوا ثلاثمائة بعير حين رَهنه بها، ووجوه الأهاتم‏:‏ أعْيانهم، وهم بنو سنان الأهتم وفي الديوان ‏"‏فِدىً لسيوف من تميم وَفَى بها‏"‏‏)‏‏.‏

ويُضافُ لجمع التصحيح في مسألتين‏:‏

‏(‏1‏)‏ أن يُهماَ تكسيرُ الكلمة‏(‏تكسيرها أي جمعها جمع تكسير‏)‏ نحو ‏"‏سَتْعَ سَموات‏"‏ و ‏"‏خمس صَلَوات‏"‏ و‏{‏سَتْعَ بَقَراتٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏43‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ أن يُجاوِرَ ما أُهما تكسيره نحو ‏{‏سَبْعِ سُنْبُلاتٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏43‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏ فإنه في التنزيل مُجَاوِرٌ لـ ‏{‏سَتْعِ بَقَرَاتٍ‏}‏‏.‏ المُهْملَ تكسيره ‏(‏تكسير سنبلة‏:‏ سنابل ولكن أهمل تكسيرها لمجاورتها لبقرات‏)‏‏.‏

وتُضَافُ لِبناءِ الكَثرةِ في مسألتين‏:‏

‏(‏إحداهما‏)‏ أن يُهمَل بناءُ القِلَّةِ، نحو ‏"‏ثَلاثُ جَوارٍ‏"‏ و ‏"‏أربعةُ رِجالٍ‏"‏ و ‏"‏خمْسَة دراهم‏"‏‏.‏

‏(‏الثانية‏)‏ أن يكونَ له بِناءُ قِلَّة، ولكنه شاذٌّ قِياسًا أو سَمَاعًا، فيُنَزَّل لِذلكَ مَنزِلَة المَعْدُوم،

فالأوَّل‏:‏ نحو ‏{‏ثلاثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏228‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏، فإنَّ جمع ‏"‏قَرْء‏"‏ بالفتح على ‏"‏أَقراء‏"‏ شاذٌّ‏.‏

والثاني‏:‏ نحو ‏"‏ثلاثةُ شُسُوع‏"‏ فإنَّ ‏"‏أَشْسَاعًا‏"‏ قَليلُ الاستِعْمال‏.‏

-11 حَقُّ الإضافةِ في ‏"‏المائة والألف‏"‏‏:‏

‏"‏المِائةُ والألف‏"‏ حَقُّهُما أنْ يُضَافا إلى ‏"‏مُفرد‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏مَائَةَ جَلْدَة‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏2‏"‏ من سورة النور ‏"‏24‏"‏‏)‏، و‏{‏ألْفَ سَنَة‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏96‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏، وقَدْ تُضافُ المِائِةُ إلى جَمْعٍ كقِراءَة حَمزة والكسائي ‏{‏ثلاثمَائَةِ سِنِين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏25‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏‏.‏

وقد تُميَّز بمفردٍ منصوبٍ كقولِ الربيعِ بن ضُبَيعِ الفَزَارِي‏:‏

إذا عَاشَ الفَتَى مَائتينِ عامًا *** فقَد ذَهبَ المَسَرَّةُ والفَتَاءُ

ومنه قراءة عاصم‏:‏ ‏{‏ثلاثمائةٍ سِنِين‏}‏‏.‏

-12 إضَافَةُ العَدَدِ المُرَكَّبِ‏:‏

يجوزُ في العَدد المُرَكَّب - غيرَ عَشَرَ واثنَتَي عَشْرَة - أن يضاف إلى مُسْتَحِقِّ المعدود فَيَستَغغْني عن التَّمييز نحو ‏"‏هذه أحدَ عَشَرَ خَالدٍ‏"‏ أي ممن سَمِّي بخالد، ويجبُ عند الجمهورِ بقاء البناءِ في الجُزأَينِ كما كانَ مع التمييز‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏

العَدَد‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

-13 وزنُ ‏"‏فاعل‏"‏ من أَعدادِ ‏"‏اثنَين وعَشرَة وما بَينَهُما‏"‏‏:‏

يجوزُ أن تَصُوغَ من اثنين وعَشْرةَ وَما بَينهما عَلَى وزنِ فَاعِل، فتقول‏:‏ ‏"‏ثانٍ وثالث ورَابعٍ‏.‏ إلى عاشر‏"‏ أمَّا ‏"‏الواحد‏"‏ فقدْ وُضِعَ أصلًا على وَزْنِ فَاعل، فقِيل ‏"‏وَاحِد ووَاحِدة‏"‏ ولَنا في العَدد على وَزْنِ الفاعل المذكور أن نَستَعملَه في حُدُودِ سَبْعَةِ أوجُهٍ‏:‏

‏(‏1‏)‏ أن تَستَعْملَه مُفرَدًا ليُفيدَ الاتِّصَاف بمَعْناه مُجَرَّدًَا فتَقُول‏:‏ ثَالِثٌ ورَابعٌ‏.‏

قال النَّابغَةُ الذبياني‏:‏

توَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها *** لستَّةِ أعوامِ ذا العَامُ سابعُ

‏(‏2‏)‏ أن تستعملَهُ مع أصلِهِ الذي صِيغَ مِنه ليُفيدَ أنَّ المَوْصُوفَ به بَعْضُ بلكَ العِدّة المَعْنيّةِ لا غَير فتقول‏:‏ ‏"‏خَامِسُ خَمْسَةٍ‏"‏ أي بعضُ جَماعَة مُنحَصِرةٍ في خَمسة وحِينَئِذٍ تجبُ إضَافتُهُ إلى أصلِهِ، كما يجبُ إضَافة البَعضِ إلى كله، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إذْ أخرَجَهُ الذَّين كَفَرُوا ثَانيَ اثنَينِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏ و‏{‏لَقَد كَفَرَ الَّذِينَ قالوا إن اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏73‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏‏.‏ وإذا اجْتمع في المعدود مُذكَّر ومؤنَّث جُعلَ الكَلامُ على التذكير لأنه الأصلُ، تقول‏:‏ ‏"‏هذا رابعُ أَربَعةٍ‏"‏ إذا كان هو وثلاث نسوةٍ‏.‏

‏(‏3‏)‏ أن تستعملَهُ مَع مَا دُونَ أصلِه ليُفيد مَعنى التَّصيير، فتقولُ‏:‏ ‏"‏هذا رَابعُ ثَلاثَةٍ‏"‏ أي جاعلُ الثلاثةِ أَرْبعةً، قال اللّهُ تعالى‏:‏ ‏{‏مَا يَكُونُ مِنْ نجوى ثلاثَةٍ إلاَّ هُوَ رابِعُهُم ولا خَمْسَةٍ إلاَّ هُو سَادِسهُمُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏7‏"‏ من سورة المجادلة ‏"‏58‏"‏‏)‏ ويجوزُ حينئذٍ إضافَتُهُ، وإعمالُه بالشُّرُوطِ الوارِدَةِ في إعمالِ اسمِ الفاعِلِ، كما يجوزُ الوجهانِ في ‏"‏جاعل ومُصيِّر‏"‏ ونحوهما‏.‏

ولا يُستَعمَل بهذا الاستعمال ‏"‏ثانٍ‏"‏ فَلا يُقالُ ‏"‏ثاني واحِد‏"‏ ولا ‏"‏ثانٍ واحدًا‏"‏ وإنما عَمِل عَمَلَ فاعِلٍ لأنَّ له فعلًا كما أنَّ جاعِلَ كذلك، يقال ‏"‏كانَ القومُ تسعةً وعشرينَ فَثَلْثَنْتُهُمْ‏"‏ ‏(‏قال بعض أهل اللغة ‏"‏عَشْرن وثَلْثَنَ‏"‏ إذا صَار له عشرون أو ثلاثون، وكذلك إلى التسعين واسم الفاعل من هذا مُعشِرن ومُتَسِعن‏)‏ أي صَيَّرتُهم ثلاثين، وهكذا إلى تِسعَةٍ وثَمانِين فَتَسَعْنَتُهمْ أي صَيَّرتُهمْ تسعِينَ‏.‏

وإذا أُضِيفَ إلى أَزْيَد منه أَوْ إلى مُساوِيه يَكُونُ بمَعنى الحال نحو‏:‏ ‏"‏ثَانِيَ اثْنَين‏"‏ أو ‏"‏ثانيَ ثَلاثَة‏"‏ أي أحَدَ الإثنين، أو أَحَدَ الثلاثة‏.‏

‏(‏4‏)‏ أن تستعْمِلَهُ مع العَشْرَةِ ليُفيدَ الاتِّصَافُ بمعْناه مقيّدًا بمصاحبة العَشْرَة، فتقول‏:‏ ‏"‏حادِي عَشَر‏"‏ بتذكيرهما، و ‏"‏حاديةَ عشَرةَ‏"‏ بتأنيثهما وكذا نَصْنعُ في البواقي‏:‏ تُذَكِّرُ اللَّفظَين مع المذكَّرِ، وتُؤَنِّثُهما مع المُؤَنث وحين تستعمل ‏"‏الواحد‏"‏ أو ‏"‏الواحدة‏"‏ مع العَشرَة، أَوْ مَا فَوْقَها كالعِشْرين فإنَّك تَقْلِبُ فاءَهما إلى مَوطَنَ لامِهِما، وتصِيرُ الواو ياءً، فتقول‏:‏ ‏"‏حادٍ وحادِيَة‏"‏‏.‏

‏(‏5‏)‏ أن تستعمِلَهُ معَ العَشْرَة، ليُفيدَ مَعنى ‏"‏ثاني اثنَين‏"‏ وهو انحصارُ العُدَّة فيما ذكر، ولك في هذه الحالة ثلاثةُ أوجُهٍ‏:‏

‏(‏أحدُها‏"‏ وهو الأصلُ أنْ تأتيَ بأربعةِ أَلفاظٍ، أوَّلُها‏:‏ الوصفُ مُرَكَّبًا مع العشرة وهذان لَفْظان، وما اشتُق منه الوصف مُرَكَّبًا مع العشرة أيضًا، وتُضيفُ جُملَةَ التركيب الأوَّل إلى جُملةِ التركيب الثاني، فتقول‏:‏ ‏"‏هذا ثالثَ عَشَرَ ثَلاثَةَ عَشَرَ‏"‏ و ‏"‏هذه ثَالِثَةَ عَشَرَة ثَلاثَ عَشَرَة‏"‏ وهذه الألفاظُ الأَرْبَعة مَبنيةٌ على الفَتح‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ العَرَبُ تَسْتَثْقِلُ إضَافتَه على التَّمام لِطُوله، كما تقدَّم، ولذلك حذفوا ‏"‏عشر‏"‏ من التركيب الأوَّل استغناءً به في الثاني، وتُعرِبُ الأوّل لزوال التركيب، وتُضيفه إلى التركيب الثاني، فنقول‏:‏ ‏"‏هذا ثالثُ ثلاثَةَ عَشَر‏"‏ و ‏"‏هذه ثَالِثَةُ ثَلاثَ عَشَرَة‏"‏ وهذا الوَجه أكثرُ استِعْمالًا‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ أن تَحذفَ العَشرة من التركيب الأول، والنَّيِّفَ من الثاني ‏(‏النيف‏:‏ كل ما زاد على العقد الثاني‏)‏، وحينئذٍ تُعْربهما لزَوَال مُقتَضى البناء فيهما، فتُجري الأول على حسب العَوامل، وتجر الثاني بالإضافة، فتقول‏:‏ ‏"‏جاءني ثالثُ عَشَرٍ‏"‏ و ‏"‏رأيتُ ثَالِثَ عَشَرٍ‏"‏ و ‏"‏نظرت إلى ثالثِ عشرٍ‏"‏

‏(‏6‏)‏ أنْ تَستعملَه مع العَشْرة لإفادة مَعنى ‏"‏رابعُ ثلاثة‏"‏ فتأتي أيضًا بأربعةِ أَلفَاظ ولكن يكونُ الثالث مَنها دونَ ما اشتُقَّ منه الوَصفُ فتَقولُ‏:‏ ‏"‏رَابعَ عَشرَ ثَلاثَةَ عَشْر‏"‏ في المذكَّر، و ‏"‏رابِعَة عَشْرة ثلاث عَشْرة‏"‏ في المؤنث، ويَجِبُ أن يكونَ التركيبُ الثاني في موضع الجرِّ ولكَ أَنْ تحذفَ العَشَرَةَ من الأول دون أن تَحذِف النَّيفَ من الثاني للإلباس ‏(‏أجاز ذلك سيبويه، ومنعه الكوفيون، وأكثر البصريين‏)‏‏.‏ بأن تقول‏:‏ ‏"‏رابع ثَلاثَة عَشر‏"‏ أو ‏"‏رابعة ثلاث عشرة‏"‏‏.‏

‏(‏7‏)‏ أن تستعملَهُ مع العشرين وأَخَواتِها فَتُقَدِّمه وتَعْطِف عليه العَقْد بالوَاوِ خاصَّة فتقول‏:‏ ‏"‏حَادٍ وعِشْرون‏"‏ و ‏"‏حادِية وعِشرون‏"‏‏.‏

-14 تعريفُ العَددِ والمُرَكَّب والمَعْطوف‏:‏

إذا أُرِيدَ تَعْريفُ العَدَدِ بـ ‏"‏أل‏"‏ فإنْ كان مُرَكَّبًا عُرِّف صَدْرُه كـ‏:‏ ‏"‏الخَمسة عَشَر‏"‏ وإنْ كان مُضَافًا عُرِّف عَجْزُه كـ ‏"‏خَمسةِ الرِّجال‏"‏ و ‏"‏ستة آلافِ الدَّرهِم‏"‏ هذا هو الصواب والفصيح‏.‏

قال ذو الرُّمة‏:‏

أَمَنزِلَتَي مَيٍّ سَلامٌ عَلَيْكما *** هَلِ الأَزْمنُ اللاّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ

وهل يَرجعُ التسليمَ أو يَدْفُع البُكا *** ثلاثُ الأثافي والرُّسُوم البَلاقعُ

‏(‏البلاقع‏:‏ جمع بَلْقع‏:‏ الأرض القفر التي لا شيء فيها‏)‏‏.‏

وقال الفرزدق‏:‏

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاه إزَارَه *** ودَنَا فأدْركَ خَمْسَة الأَشْبارِ

‏(‏البلاقع‏:‏ جمع بَلْقع‏:‏ الأرض القفر التي لا شيء فيها‏)‏‏.‏

وبعضهم ‏(‏يقال للرجال الذي بلغ الغاية في الفضائل‏:‏ أدرك خمسة الأَشْبار وهو مثل‏)‏ يُعرَّفُ الجُزْأين، فيقول‏:‏ ‏"‏الخمسةُ الرجال‏"‏ و ‏"‏الثلاثةُ الأشهر‏"‏‏.‏ وإنْ كان معطوفًا عُرِّف جزآه معًا كـ ‏"‏الأربعة والأربعين‏"‏ ونظمَ ذلك الأجْمهوري فقال‏:‏

وعَددًا تُريدُ أن تُعَرَّفا *** فَأَلْ بِجُزْأيه صِلَنْ إنْ عُطِفا

وإن يَكُوْ مُرَكَّبًا فالأوَّل *** وفي مًضاف عَكْسُ هذا يُفعل

وخالَفَ الكوفيُّ في هذين *** وفيهما قَدْ عَرَّفَ الجُزْأَينَ

-15 ضبطً العَشْرَة‏:‏

يَجُوزُ في ‏"‏عَشْرَة‏"‏ تَسْكينُ الشين تَحْرِيْكُها إذا كانَتْ مع تاء غير مُرَكَّبَةٍ وأمَّا شين ‏"‏أَحَدَ عَشرَ‏"‏ إلى ‏"‏تسعة عشَر‏"‏ فمفتوحة لا غير‏.‏

-16 العدَدُ في التَّأريخ‏:‏

إذا أرادوا التاريخ قالو للعشرِ ومَا دُونها خَلَوْنَ وبقينَ، فقالوا‏:‏ ‏"‏لتسعِ ليالٍ بقينَ‏"‏ و ‏"‏ثمانِ ليالٍ خلونُ‏"‏ لأنَّهم بينون بجمع وقالوا لما فوق العشرة‏:‏ ‏"‏خلت‏"‏ و ‏"‏بقيتْ‏"‏لأنَّهم بيَّنون بِمُفْرد فقالوا لـ ‏"‏إحْدَى عَشَرة لَيلَة خَلتْ‏"‏ و ‏"‏ثلاثَ عَشَرة لَيْلة ‏(‏وإنما أرخ بالليالي دون الأيام، لأن الليلة أول الشهر فلو أرخ باليوم دون الليلة لذهب من الشهر ليلة‏)‏ بقيت‏"‏‏.‏ ويقال في التاريخ أو الشهر ‏"‏كتب لأوَّل ليلة منه‏"‏ أو ‏"‏لغُرَّته‏"‏ أو ‏"‏مَهِلَّه‏"‏ أو ‏"‏مُستَهَلَّه‏"‏‏.‏ ويؤرِّخ آخرًا فيقال‏:‏ ‏"‏لآخِرِ لَيلَةٍ بَقِيَتْ منه‏"‏ أو ‏"‏سِرَاره‏"‏ أو ‏"‏سَرَرِه‏"‏ أو ‏"‏سَلْخِه‏"‏ أو ‏"‏انْسِلاخِه‏"‏‏.‏

-17 ما جَاءَ على وَزْن ‏"‏العَشِير‏"‏ من الأعداد‏:‏

قال أبو عبيد‏:‏

يقال‏:‏ ثَلِيثٌ وخَمِيسٌ وسَدِيس وسَبِيع - والجمع أسْباع - وثَمِين وتَسِيع، وعَشِير، والمرادُ منها‏:‏ الثُلُثُ والخُمُس والسُّدُس والسُّبع والثُمن والتُّسع والعُشْر‏.‏

قال أبو زيد‏:‏ لم يعرفوا الخميس ولا الربع ولا الثليث‏.‏

وأنشد أبو عبيد‏:‏

ألْقيتُ سَهْمي وَسْطُهُم حين أو خَشوا *** فما صارَ لي في القَسْم إلا ثَمِينُها

أي ثُمْنها‏.‏

-18 أفعال مشتقة من العدد‏:‏

تَقُول‏:‏ كان القوم وِتْرًا فَشَفَعْتُهم شَفْعاُ، وكانوا شَفْعًا فَوَتَرْتُهُم وَترًا، بقول ثَلَثتُ القوم أَثْلِثُهُمْ ثُلْثًَا‏:‏ إذا كنتَ لهم ثالثًا، وتقول‏:‏ كانوا ثَلاثًا فَرَبَعْتُهم، أي صِرتُ رابعَهم، وكانوا أَرْبَعَةً فخَمَستُهُم‏.‏ إلى العَشَرة، وفي يفعِل، قلت‏:‏ يَثلِثُ ويَخمِس إلى العشرة، وكذلِكَ إذا أخَذْتَ الثُّلثُ من أَمْوالِهم، قلت‏:‏ ثَلَثْتُهم ثَلْثًا، وف الرُّبع رَبَعْتُهم، إلى العُشْر مثله، وفي الأموال‏:‏ يثلُث يَخمُسُ إلى العُشر إلاَّ ثلاث كلمات فإنها بالفتح في الموضعين يَرْبَع، ويَسْبَع، ويَتْسع‏.‏

عَدَّ‏:‏

‏(‏1‏)‏ فِعْلٌ مَاضٍ يَتَعدَّى إلى مَفْعولَين ومَنْ أفْعَالِ القُلوبِ، وتُفيدُ في الخَبر رُجْحانًا، وهي تَامَّةُ التَّصرُّفِ وتُسْتَعملُ بكلِّ تَصْريفها، نحو قول النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ‏:‏

فلا تَعدُدِ المَولَى شَرِيكَكَ في الغِنى *** ولكنَّما المَوْلَى شَرِيكُكَ في العُدْمِ

وتُشْتَركُ مع ‏"‏أخَواتها‏"‏ بأحكامٍ‏.‏

‏(‏=المتعدي إلى مفعولين‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ ‏"‏عَدَّ‏"‏ بمعنى حَسَبَ وأَحْصى نحو‏:‏ ‏"‏عدَدْت المالَ‏"‏ ولا تَتَعدَّى هذه إلاَّ إلى واحِد‏.‏

العَرضُ‏:‏

الطلبُ بلينٍ ورِفْقٍ، وحَرْفاه‏:‏ ألا وأَمَا، ‏(‏=فاء السببيَّة‏)‏‏.‏

عِزُونَ‏:‏

مفردُه عِزَة وهو العُصْبة مِنَ النَّاسِ، وعِزُون‏:‏ جَمَاعَاتٌ يأتُون مُتَفرِّقين، وهو مُلْحَقٌ بجمع المُذَكَّر السَّالِم ويُعربُ إعْرابه‏.‏

‏(‏=جمع المذكَّر السَّالم 8‏)‏‏.‏

عَسَى‏:‏

هِيَ فِعْلٌ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ، ومَعْناه‏:‏

المُقَارَبَةُ عَلَى سبيلِ التَّرجِّي، وهي على ذَلِكَ ثلاثةِ أضْرُبٍ‏:‏

‏(‏الأول‏)‏ أو تَكونَ بمَنْزِلَةِ كَانَ النَّاقِصَةِ، فتحتاجُ إلى اسْمٍ وخَبَرٍ، ولا يَكُونُ الخَبَرُ إلاَّ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا مَشْفُوعًا بأنْ النّاصِبَةِ، قال اللَّه تعالى‏:‏ ‏{‏فَعَسَى اللَّهُ أنْ يَأتِيَ بالفَتْح‏}‏ فلَفْظ الجلالة‏:‏ اسم عسى، و ‏"‏أنْ يَأتِيَ‏"‏ في تأويل المَصْدرِ خَبَرُ عَسَى وفي أنْ يأيِيَ ضميرٌ يَعُودُ على الاسم، نحو ‏"‏عَسَى الفرجُ أَنْ يأتيَ‏"‏ ويجوز في عَسَى خَاصَّةً دُونَ أخَوَاتها أنْ تَرْفَع السَّبَبِيَّ - وهو الاسمُ الظّاهِرُ المضاف إلى ضميرٍ يَعُودُ على اسمها - كقولِ الفَرَزْدَق حينَ هَربَ مِنَ الحجَّاجِ لمَّا تَوَعَّدَهُ بالقَتْلِ‏:‏

وَمَاذا عَسَى الحَجَّاجُ يَبْلغُ جُهْدُهُ *** إذا نحنُ جاوَزْنا حَفير زِيادِ

‏(‏يروى بنصب ‏"‏جهده‏"‏ على المفعولية بـ ‏"‏يبلغ‏"‏، ويَرفعه على الفاعلية وفيه الشاهد فإن ‏"‏جُهدَه‏"‏ متصل بضمير يعود على ‏"‏الحجَّاجُ‏"‏ الذي هو اسمُ ‏"‏عَسَى‏"‏‏.‏ وحفيرُ زيادٍ‏:‏ على خمْس لَيالٍ مِنَ البَصْرة‏)‏‏.‏

وشَذَّ مجيء خبر ‏"‏عَسَى‏"‏ مفردًا كقولهم في المَثَلِ ‏"‏عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُسًا‏"‏ ‏(‏الغوير‏:‏ تصغير غار، وهو ماء لقبيلة كلب، ‏"‏أبؤسًا‏"‏ جمع بؤس وهو العذاب والشدة، ومعناه‏:‏ لعل الشر يأتيكم من قبل الغوير، قالت هذا المثل‏:‏ الزباء، ويضرب للرجل يتوقع الشر من جهة بعيها، والشاهد فيه ‏"‏أبؤسًا‏"‏ فقد أتى خبرًا لعسى وهو مفرد، وهو شاذ، ويرى ابن هشام في ‏"‏المغني‏"‏‏:‏ أن الصاب أنه مما حذف فيه يكون، أي يكون أبؤسًا لأن في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الأصلي‏)‏، والغالب اقترانُ الخبر بـ ‏"‏أَنْ‏"‏ بَعْدَ عَسَى‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ التَّامة وتختَصُّ ‏"‏عَسَى واخْلَوْلَقَ وأَوْشَكَ‏"‏ بجوازِ إسنادِهِنَّ إلى ‏"‏أَنْ يَفْعَلَ‏"‏ ولا تحتاجُ إلى خَبَرٍ مَنصوبٍ فتكونُ تامَّةً نحو ‏{‏وَعَسَى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏216‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏، ويجوزُ في ‏"‏عَسَى‏"‏ كسُر سِينِها بشرط أن تسندَ إلى ‏"‏التاء أو النون أو نا‏"‏ نحو ‏{‏قالَ هَلْ عَسِيتُمْ إنْ كُتِبَ عَلَيْكُم القِتالُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏246‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ قرئ بالكسرِ والفتح والمختار الفتح‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ يشتمل عن الضربين الأول والثاني، وذلك نحو قولك‏:‏ ‏"‏عبدُ اللّه عَسَى أن يُفلِح‏"‏ إن شِئتَ جَعَلْتَها على الضَّربِ الأَول وهو أن يكون اسمُ عَسَى يَعود على عبدِ اللّه الذِّي هو مُبتدأ و ‏"‏أن يفْلِحَ‏"‏ في تَأويلِ المَصْدرِ خَبَر عَسَى‏.‏

وإنْ شِئْت جَعلتَ ‏"‏أن يفلح‏"‏ في تأويل المصدر فاعلَ عَسَى، وجملة عَسَى مع فَاعِله خبرٌ للمُبتدأ وهو عبدُ الله‏.‏

العَشْرَة وضبطها‏:‏

‏(‏=العدد 15‏)‏

عشرون - إلى التسعين -

ملحق بجمع المذكَّر السالم‏.‏

‏(‏=جمع المذكر السَّالم 8 والعدد‏)‏‏.‏

عِضُون‏:‏ مُفْردُها ‏"‏عِضَة‏"‏وهي القطعة من الشيء، ملحق بجمع المذكَّرِ السَّالم، ويعرب إعرابه‏.‏

‏(‏=جمع المذكَّر السَّالم 8‏)‏

العَطف‏:‏ العَطْفُ قِسمان‏:‏ عطفُ بَيَان، وعَطْفُ نَسق‏.‏

‏(‏=كلًا منهما في حرفه‏)‏

عَطْفُ البيان ‏(‏من النحاة من لم يثبت عطف البيان، بل جعله من البدل المطابق‏)‏‏:‏

-1 تَعريفُه‏:‏

هو التَّابعُ الجَامِدُ المُشبِه للصِّفَة في إيضَاحِ مَتْبُوعِه إن كان مَعْرِفةً، وتَخْصِيصِه إن كانَ نَكِرَةً بنَفْسِه، لا بمَعنىً في مَتبُوعه، ولا في سَبَبِه، وبهَذا خَرَجَ النَّعتُ، ولا يجبُ فيه أن يَكونَ أوضحَ مِن مَتْبُوعِهِ، بل يجوزُ أن يَكُونَ مَسَاوِيًا أو أقلَّ، والتَّوضِيحُ حِينَئِذٍ باجْتمَاعِهما، نحو ‏"‏قال أبو بكر عَتِيقٌ‏"‏

-2 مواضعه‏:‏

‏(‏1‏)‏ اللَّقَبُ بعد الاسم نحو ‏"‏عليٌّ زينُ العَابدين‏"‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ الاسمُ بعد الكُنية نحو ‏"‏أَقسَمَ بالله أَبو حَفصٍ عُمر‏"‏‏.‏

‏(‏3‏)‏ الظَّاهرُ المُحَلَّى بـ ‏"‏أل‏"‏ تَعد اسمِ الإشارة نحو ‏"‏هذا الكِتاب جَيِّدٌ‏"‏‏.‏

‏(‏4‏)‏ المَوصُوف بعد الصفةِ نحو ‏"‏الكَليمُ مُوسى‏"‏‏.‏

‏(‏5‏)‏ التَّفسيرُ بعد المُفسَّر نحو ‏"‏العَسْجَد أي الذَّهبُ‏"‏‏.‏

-3 تَبعيَّته لما قَبْله‏:‏

يَتْبَع ‏"‏عَطفُ البَيانِ‏"‏ مَتْبوعَةُ بواحدٍ مِن النَّصبِ أو الرَّفعِ أو الكَسرِ، وواحِدٍ من الإفراد أو التَّثْنِيةِ أو الجَمعِ، ووَاحِدٍ من التَذكيرِ أو التأنيث، ووَاحِدٍ من التَّعْريفِ أو التنكير، فيكونان مَعْرفَتَينِ كما تقدَّم، ونكرَتَينِ كـ ‏"‏لبستُ ثَوبًا مِعْطَفًا‏"‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَو كَفَّارةٌ طَعَامُ مَساكِينَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏95‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏ فيمن نون كَفَّارة‏.‏

-4 كُلُّ ما صَلَح أن يكونَ ‏"‏عَطْفَ بَيَان‏"‏ صَلَح أن يكُونَ ‏"‏بدَلَ كُلّ‏"‏ إلاّ في مسألتين‏:‏

‏"‏أ‏"‏ ما لا يَستَغني التركيبُ عنه، ومِنْ صُورِ ذلك، قولك ‏"‏هِنْدٌ قامَ زيدٌ أخوها‏"‏ فـ ‏"‏أخوها‏"‏ يتَعيَّنُ أن يكونُ ‏"‏عَطْفَ بيان‏"‏ على زَيد، ولا يجوزُ أن يكونَ ‏"‏بَدلًا‏"‏ منه، لأنه لا يَصحُّ الاستِغناءُ عنه‏:‏ لاشتِمَالِه على ضَميرٍ رَابِطٍ للحُملَةِ الوَاقِعَةِ خَبَرًا لـ ‏"‏هِند‏"‏، فَوَجَبَ أن يُعربَ ‏"‏أَخُوها‏"‏‏:‏ ‏"‏عَطفَ بَيَانٍ‏"‏ لا ‏"‏بَدَلًا‏"‏ لأنَّ البَدَل على نِيَّةِ تَكرارِ العَامِل، فكأنَّه مِن جُملةٍ أُخرى، فَتَخلُو الجمْلَةُ المُخبِرُ بها عن رَارِبِطٍ‏.‏

‏"‏ب‏"‏ ما لا يَصلُح خُلُولُه محل الأول، ومن صُورِه أن يكُونَ ‏"‏عطفُ البيانِ‏"‏ مُفْرَدًا مَعْرفةً مُعْرَبًا والمَتْبُوع مَنادىً ومِنه قول طالب بن أبي طالب‏:‏

أَيَا أخَوَينا عبدَ شمسٍ ونَوفَلًا *** أعِيذُكُما باللّهِ أن تُحْدِثا حَربا

‏(‏‏"‏عبج شمس ونوفلا‏"‏ يتعين كونهما معطوفين عطف بيان على أخوينا، ويمتنع فيهما البدلية لأنهما - على تقدير البدلية - يحلان محل ‏"‏أخوينَا‏"‏ فيكون التقدير ‏"‏يا عبد شمس ونَوفَلا‏"‏ بالنصب، وذلك لا يجوز لأن المنادَى إذا عُطِف عليه اسمٌ مجرد من ‏"‏أل‏"‏ وجبَ أن يُعطَى ما يَستَحقُّه لو كان منادى، و ‏"‏نوفل‏"‏ لو كان منادى لقيل ‏"‏يانوفلُ‏"‏ بالضم لا ‏"‏يانوفلا‏"‏ بالنصب‏)‏‏.‏

أو يكون ‏"‏عطفُ البيان‏"‏ بـ ‏"‏أل‏"‏ و ‏"‏المَتْبُوعُ‏"‏ مُنَادىً خَاليًا منها نحو‏:‏ ‏"‏يا مُحمدُ المَهدي‏"‏ أو يَكُونُ ‏"‏عَطْفُ البَيَانِ‏"‏ خَاليًا من أَلْ و ‏"‏المَتْبُوعِ‏"‏ بـ ‏"‏أل‏"‏ قد أضيفَ إليه صِفَة بـ ‏"‏أل‏"‏نحو ‏"‏أنا النَّاصِحُ الرجلِ محمدٍ‏"‏ ومنه قول المرَّار الأَسَدي‏:‏

أنَا ابنُ التَّاركِ البَكرِيِّ بِشْرٍ *** عليه الطَّيرُ تَرْقُبُهُ وُقُوعا

‏(‏أراد ببشر‏:‏ بشر بن عمرو، المعنى‏:‏ أنا ابن الذي ترك بِشْرًا مُثخَنًا بالجراح، يعالِجُ طُلُوع الرُّوح فالطير واقفَةٌ تَرْقَبُ مَوتَهُ لِتأْكلَ منه لأنها لا تَقَعُ عليه ما دامَ حيَّا‏)‏‏.‏

لأن الصفةَ المقرونةَ بأل كـ ‏"‏النَّاصح‏"‏ و ‏"‏التارك‏"‏ لا تضاف إلا لما فيه ‏"‏أل‏"‏ أو يُضافُ اسم التَّفضيل إلى عامِّ أُتبع بقِسمَيه نحو ‏"‏محمَّدٌ أفضَلُ النّاس الرِّجالِ والنِّساءِ‏"‏ فاسمُ التَّفضِيلِ بعضُ ما يُضافُ إليه، فيلزم على البَدَل كونُ محمَّدٍ بعضَ النِّساءِ‏.‏

-5 اختلاف عَطْفِ البَيَان عن البدل‏:‏

يَخَتَلِفُ بأمُورٍ منها أن‏:‏

‏(‏1‏)‏عَطْفَ البَيَان لا يَكُونُ إلاَّ بالمَعَارِفِ‏.‏

‏(‏2‏)‏عطفَ البَيَان في تَقْدِيرِ جُمْلةٍ واحِدَةٍ، والبَدَلُ في تَقْدِيرِ جُمْلَتَيْن على الأصح‏.‏

‏(‏3‏)‏ المُعْتَمد في البَدَل الثَّاني، والأول تَوْطِئةٌ له‏.‏

‏(‏4‏)‏ عَطْفُ البَيَان يُشتَرط مطابَقَتُه لما قَبْله في التَّعْرِيفِ بخلافِ البدل‏.‏

‏(‏5‏)‏عَطْفَ البَيَان لا يَكُونُ مُضْمَرًا ولا تابِعًا لِمُضْمَر، لأنه من الجَوَامِدِ نَظِيرُ النعت‏.‏

‏(‏6‏)‏أنه لا يَكُونُ جُمْلةً، ولا تابِعًا لجُمْلةٍ، بِخِلافِ البَدَل‏.‏

‏(‏7‏)‏لا يَكونُ فِعْلًا تَابِعًا لفعل بخلاف البدل‏.‏

‏(‏8‏)‏لا يكونُ عَطفُ البيان بلفظ الأَوَّل، ويجوزُ في البَدَل‏.‏

‏(‏9‏)‏ لَيْس في عَطْفِ البَيَان نِيَّةُ إحْلالِه مَحَلَّ الأول، بِخلاَف البَدَل‏.‏

عَطْفُ النَّسَق‏:‏

-1 تَعْرِيفُه‏:‏

هو تابعٌ يَتَوَسَّطُ بَيْنَه وبينَ مَتْبُوعِه أَحَدُ حُرُوفِ العَطْفِ الآتي ذِكرُها‏.‏

-2 أقْسَامُ العَطْف ثلاثةٌ‏:‏

‏(‏أحدُها‏)‏العطفُ على اللَّفط - وهو الأصل- نحو ‏"‏ليس أحمدُ بالعَالمِ ولا القَانِتِ‏"‏ وشرطُهُ‏:‏ إمْكانُ تُوجُّهِ العَامِلِ إلى المَعْطوف‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ العَطْفُ على المَحلِّ نحو ‏"‏ليس عمرُ بجائعٍ ولا تَعِبًا‏"‏ ولِهَذا ثَلاثةُ شُرُوط‏:‏

‏"‏أ‏"‏ إمْكانُ ظُهورِه في الفَصِيح، فيجوزُ بقولكَ ‏"‏ليسَ عَلِيٌّ بقائمٍ‏"‏ أن تَقُول‏:‏ ‏"‏ليس عليٌ قائمًا‏"‏ فَتَسْقُط ‏"‏الباء‏"‏، وكذلك ‏"‏ماجَاءني مِن أحدٍ‏"‏ أن تقولَ‏:‏ ‏"‏ما جاءَني أحدٌ‏"‏ بإسقاط ‏"‏مِن‏"‏‏.‏

‏"‏ب‏"‏ أنْ يكونَ الموضعُ هوَ الأصل فلا يجوزُ ‏"‏هذا آكِلٌ خبزًا وزيْتونٍ‏"‏ لأنَّ الوصفَ المستوفي للشروط الأصلُ إعمالُهُ لا كإضافتُه‏.‏

‏"‏ج‏"‏ وجُودُ المُحرِز أي الطّالِب لِذلكَ المَحَل‏.‏

ويَبْتَني على اشْتِراطِ هذا امتناعُ مَسَائل منها‏:‏

‏"‏1‏"‏ ‏"‏إنَّ زيدًا وعَمروٌ قائِمان‏"‏

‏(‏وأجاز ابنُ مالك هذا، وضابطه العطف بالرفع على منصوب ‏"‏إن‏"‏ في خلاصته‏:‏

وجائز رَفْعُك مَعْطوفًا على *** مَنْصوبِ إنَّ قبل أن يَسْتَكْمِلا

وذلك لأنَّ الطالبَ لرفع زيدٍ هو الابتداءُ، والابتداءُ هو التجرُّدُ، والتَّجَرُّدُ قَدْ زالَ بدُخُول ‏"‏إن‏"‏‏.‏

‏"‏2‏"‏ ‏"‏إنَّ زيدًا قائمٌ وعَمْروٌ‏"‏ بعطف ‏"‏عمروٍ‏"‏ على المَحَلِّ لا المُبْتَدَأ‏.‏

‏"‏3‏"‏ ‏"‏هذا مَانِحُ أخِيه ومُحَّمدًا الخيرَ‏"‏ بنصبِ محمدًا على محل أخيه‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏العَطْفُ على التَّوَّهُم، نحو‏:‏ ‏"‏ليسَ بَكْرٌ بَائِعًا ولا مُشْتَرٍ‏"‏ بخَفْص مُشْترٍ على تَوَهُّم دُخُولِ الباء، في الخَبَرِ، وشَرطُ جَوَازِهِ صِحَّةُ دُخُولِ ذلكَ العامِل المُتَوهَّم، وشَرطُ حُسْنِه كثرةُ دُخولهِ هناك ولهذا حسُنَ قولُ زُهيرٍ‏:‏

بَدَا ليَ أنَّي لستُ مُدْرِكَ ما مَضَى *** ولا سَابقٍ شَيئًا إذا كانَ جائِيًا

وقول الآخر‏:‏

ما الحَازِمُ الشَّهمُ مَقْدامًا ولا بَطَل *** إنْ لمْ يَكُوْ للهَوَى بالحق غَلاَّبا

ولم يَحْسُن قَوْلُ الآخر‏:‏

وماكنتُ ذا نَيْربٍ فيهم *** ولا مُنْمِشٍ فيهمُ مُنْمِلِ

‏(‏النيرب‏:‏ النميمة، ومُنْمشن ومنمل‏:‏ أي نمام‏)‏‏.‏

لِقِلَّةِ دُخُولِ البَاءِ عَلى خَبَرِ ‏"‏كَانَ‏"‏ بِخِلافِ خَبَرَيْ ‏"‏لَيسَ‏"‏ و ‏"‏ما‏"‏‏.‏ وكما وَقَع هذَا العَطْفُ في المجرُور، وقَع في المجزُوم، وقال به الخليلُ وسِيبويه، في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَريبٍ فأصَّدَقَ وأكُنْ‏"‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة المنافقون ‏"‏63‏"‏‏)‏ قالا‏:‏ فإن معنى لولا أخَّرتني فأَصَّدقَ‏:‏ وأكُونَ على الأصل‏.‏ وكذلِكَ وقَعَ في المَرْفُوع، قال سيبويه‏:‏ واعلَمْ أنَّ نَاسًا مِنَ العَرَب يَغْلَطُون ‏(‏أي يتوهَّمُون على ما مَرَّ‏)‏ فيقولون‏:‏ ‏"‏إنَّهم أَجْمَعُون ذَاهِبُون‏"‏ وذلك على أنَّ معناهُ معنى الابتداء، والتقدير‏:‏ هم أجمعون‏.‏

-3 حروف العطف‏:‏

هو ‏"‏الواوُ، الفَاءُ، ثُمَّ، حَتَّى، أَمْ، أَوْ، لَكِنْ، بَلْ، لا، لا يكون، لَيْسَ‏"‏‏.‏

‏(‏=كُلًا في حرفه‏)‏‏.‏

والأصلُ بالعَطْفِ أنْ يكونَ على الأَوَّل إلاَّ في حُرُوف التَّرْتِيب‏.‏

-4 حُرُوفُ العَطْفِ نَوْعان‏:‏

‏"‏أ‏"‏مَا يَقتَضِي التَّشْريكَ في اللفظِ والمَعْنى مُطْلَقًا، وهو أَرْبعة‏:‏ ‏"‏الوَاوُ، الفَاءُ، ثُمَّ، حَتَّى‏"‏ أو مُقَيَّدًا بشَرْط، وهو إثْنَان ‏"‏أَوْ، أَمْ‏"‏ وشَرْطُهُما ألاَّ يَقْضِيا إضْرَابًا‏.‏

‏"‏ب‏"‏ ما يَقْتَضي التَّشْريك في اللَّفْظ دُونض المَعْنى، إمَّا لِكُوْنِهِ يَثْبِتُ لِمَا بَعْدَه ما انْتَفَى عَمَّا قَبْلَه، وهو ‏"‏بَلْ، وَلكِنْ‏"‏، وإمَّا لِكوْنه بالعكس وهو ‏"‏لا‏"‏ و ‏"‏ليس‏"‏‏.‏

-5 أحكام تَششْترِكُ فيها الواو والفاء‏:‏

تَشْترِكُ الواوُ والفاءُ بأحكامٍ منها‏:‏

جَوازُ حَذفِهِما معَ مَعْطُوفِهِما لدلِيلٍ مثالُه في الوَوِ قَولُ النَّابِغَة الذُّبياني‏:‏

فَمَا كانَ بَيْنَ الخَيرِ لوجاء سالمًا *** أبُو حَجَرٍ إلَّ لَيَالٍ قَلاّئِلُ

أيْ بَنْنَ الخَيرِ وبَنْني‏.‏

ومِثَالُه في الفاء ‏{‏أَنِ اضرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَر فانْبَجَسَت‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏160‏"‏ من سورة الأعراف ‏"‏7‏"‏‏)‏، أي فضَرَبَ فَانْبَجَسَتْ‏.‏

وجَوَازُ حَذْفْ المَعْطُوفِ عليه بهما، فمثالُ الواوِ قولُ بعضهم‏:‏ ‏"‏ولكَ وَأهلًا وسَهلًا‏"‏ جوابًا بك وأهلًا وسَهلًا، ومصالُ الفاءِ نحو ‏{‏أَفَنَضرِبُ عَنكُمُ الذِّكرَ صَفْحًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏5‏"‏ من سورة الزخرف ‏"‏43‏"‏‏)‏، أي أَنُهمِلُكُم فَنَضرِبُ عَنْكُم، ونحو ‏{‏أَفَلَم يَرَوا إلى مَا بَينَ أَيدِيهِم وَمَا خَلْفَهُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏9‏"‏ من سورة سبأ ‏"‏34‏"‏‏)‏، أي أَعَمُوا فَلَم يَرَوا‏.‏

-6 العَطْفُ عَلى الضَّمير‏:‏

يُعْطَفُ عَلى الضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ مَرْفُوعًا أو مَنصُوبًا، وعلى الضَّمير المتَّصِلِ المَنصوبِ بغَيرِ شَرطٍ، نحو ‏"‏أنتَ وزَيْدٌ تُسرِعَان‏"‏ و ‏"‏ما أَدعو إلاَّ إيَّاكَ وخَالِدًا‏"‏ ونحو قولِه تعالى‏:‏ ‏{‏جَمَعناكُم والأَوَّلينَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏38‏"‏ من سورة المرسلات ‏"‏77‏"‏‏)‏‏.‏

ولا يَحسُنُ العَطفُ على الضَّمير المتَّصلِ المَرْفُوعِ بَارِزًا كان أو مُستَتِرًا إلاَّ بعدَ توكِيدِهِ بِضميرٍ مُنفَصلٍ نحو ‏{‏لَقَد كُنتُم وآبَاؤُكُم في ضَلالٍ مُبِينٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏54‏"‏ من سورة الأنبياء‏"‏21‏"‏‏)‏، ‏{‏اسكُن أنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏35‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ أو بوُجُودِ فَصِلٍ ما، نحو ‏{‏جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏23‏"‏ من سورة الرعد ‏"‏13‏"‏‏)‏‏.‏

فَمَنْ معطوفَةٌ على الواو في يدخلونها أو وجُود فَصْلٍ بـ ‏"‏لا‏"‏ نحو ‏{‏مَا أَشْرَكْنا وَلاَ آبَاؤنَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏148‏"‏ من سورة الأنعام ‏"‏6‏"‏‏)‏‏.‏

ويَضْعُفُ العَطْفُ بدُونِ ذلك، نحو ‏"‏مَرَرتُ برجُل سَوَاءٍ والعَدَمُ‏"‏ بالرَّفع عَطفًا على الضَّمير المُستتر في سَوَاء لأَنّه بِتأويلِ مُسْتوٍ هُوَ والعَدَم، وهو في الشّعر كثير كقولِ جرير يهجو الأخْطل‏:‏

وَرَجَا الأُخَيطِلُ مِنْ سَفَاهَةِ رأيه *** مَا لَمْ يكُنْ وأبٌ لَهْ لِينَالا

عَطَفَ ‏"‏أبٌ‏"‏ على الضَّميرِ في ‏"‏يَكُن‏"‏ مِنْ غَيرِ تَوكيدٍ ولا فَصلٍ، ويَقِلُّ العَطْفُ على الضَّمِيرِ المَخْفُوضِ إلاَّ بإعَادَةِ الخَافِضِ حَرفًا كانَ أو اسْمًا نحو ‏{‏فَقَالَ لها ولِلأَرضِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏11‏"‏ من سورة فصلت ‏"‏41‏"‏‏)‏، ‏{‏قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وإله آبَائكَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏133‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ وَهُناك قرَاءةُ ابنِ عبّاس‏:‏ ‏{‏يَسَاءلُونَ بِهِ والأرحَامِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏1‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ بالخفض من غير إعَادَةِ الخافض، وحِكَايَةُ قُطْرُبٍ عن العَرَبِ ‏"‏مَا فيها غَيرُه وفَرَسِه‏"‏ بالهَفْضِ عَطفًا على الهاءِ من غيرِه‏.‏

-7 عَطْف الفعل‏:‏

يُعْطَفُ الفِعل على الفِعل بشَرْطِ اتِّحادِ زَمَنَيْهِما، سَواءٌ اتَّحدَ نَوْعاهما نحو ‏{‏لِنُحْيِيىَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ونُسْقِيَهُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏49‏"‏ من سورة الفرقان ‏"‏25‏"‏‏)‏، ‏{‏وَإنْ تُؤمِنُوا وتَتَّقُوا يُؤتِكُم أُجُورَكُم ولا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏36‏"‏ من سورة محمد ‏"‏47‏"‏‏)‏، أمِ اخْتَلَفا نحو ‏{‏يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأوْرَدهُمُ النَّارَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏98‏"‏ من سورة هود ‏"‏11‏"‏‏)‏، ‏{‏تَبَارَكَ الَّذي إنْ شَاءَ جَعَلَ لكَ خَيْرًا مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهَارُ ويجْعَلْ لكَ قُصُورًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة الفرقان ‏"‏25‏"‏‏)‏‏.‏

ويُعْطفُ الفِعْلُ عَلى الاسمِ المشبه له في المعنى نحو ‏{‏فالمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏3 - 4‏"‏ من سورة العاديات ‏"‏100‏"‏‏)‏ و‏{‏صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏19‏"‏ من سورة الملك ‏"‏67‏"‏‏)‏‏.‏

فالمُغِيرات في تَأويل‏:‏ واللاَّتي أَغَرْنَ ‏"‏صَافَّاتٍ‏"‏ في معنى‏:‏ يَصْفُفْن‏.‏

ويَجُوزُ العَكْسُ كقولِهِ‏:‏

يا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ العَوَاهِج *** أُمُّ صَبيٍّ قَدْ حَبَا أو دَارِج

‏(‏العَوَاهج‏:‏ جمع عَوْهج، وهو في الأصل الطويلةُ العُنُق من الظباء، وأرادَ بها المرأةَ، حَبَا‏:‏ زَحَف، دَرَج الصبي‏:‏ قارَبَ بين خُطاه‏)‏‏.‏

ومنه ‏{‏يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏95‏"‏ من سورة الأنعام ‏"‏6‏"‏‏)‏‏.‏

-7 جوازُ حَذْفُ العَاطِفِ وحدَهُ نحو‏:‏

كيفَ أصْبحتَ كيفَ أَمْسيتَ مِمّا *** يَغْرِسُ الوُدَّ في فُؤادِ الكَرِيمِ

أَي‏:‏ وكيفَ أَمْسَيْت، وفي الحديث‏:‏ ‏"‏تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِه، من دِرْهَمِه‏"‏ أي‏:‏ ومِنْ دِرْهمِه‏.‏

-8 العَطْفُ على مَعْمولٍ عَامِلٍ‏:‏

أجْمَعوا على جَوازِ العَطفِ على مَعْمُولٍ عاملٍ واحدٍ نحو ‏"‏إنَّ أباك آتٍ وأخَاكَ ذَاهبٌ‏"‏ وعلى جواز مَعْمُولاَتِ عَامِلٍ نحو‏.‏ أَعْلَمَ المُدير بَكرًا المُدرسَ آتيًا والأستاذُ خالدًا أباه حَاضِرًا‏"‏‏.‏

وأجْمَعوا على مَنْعِ العَطْف على مَعْمُولى أكثَر مِن عَامِلَين نحو‏:‏ ‏"‏إنَّ زيدًا ضاربٌ أبُوه ‏(‏هذه اللام للتقوية‏)‏ لِعَمروٍ وأخاكَ غُلامُه لبكرٍ‏"‏ ‏(‏على أن أخاك عطفٌ على زيد، وغلامُه عطفٌ على أبُوه، بكرٍ عَطفٌ على عمروٍ، والعامل في الثالث لام التقوية، وف الثاني ضاربٌ وفي الأول‏:‏ إنَّ‏)‏، أمَّا مَعْمولا عامِلَيْن، فغن لم يَكُنْ أَحدُهما جَارًّا فالأكثرُ امتِناعُه، وإنْ كان أحدُهما جارًّا فإن كان مُؤَخَّرًا نحو ‏"‏محمدٌ في العَمَل والبيت أخُوه‏"‏ فهو - عند الأكثر - أيضًا مُمْتَنِع، وإن كان الجَارُّ مُقدَّمًا نحو ‏"‏في عَمَلِه محمدٌ والبيتِ أخوه‏"‏ فمنع منه سيبويه والمبرد وابن السراج، وأجازه الأخفشُ والكسائي والفراء والزجاج‏.‏ والأولى المنع منه‏.‏

علاماتُ الاسم‏:‏

‏(‏=الاسم‏)‏‏.‏

عَلاَمَاتُ الفِعْل‏:‏

‏(‏=الفِعْل‏)‏‏.‏

عَلَى‏:‏

‏(‏1‏)‏ مِنْ حُرُوفِ الجر، وتَجُرُّ الظّاهِرَ والمُضْمَرَ، نحو ‏{‏وَعَلَيْها وَعَلَى الفُلْكِ تُحْمَلُونَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏22‏"‏ من سورة المؤمنون ‏"‏23‏"‏‏)‏ ولها نحو تِسعةِ مَعَانٍ أشْهَرُها‏:‏

الاستِعْلاءُ، وهو الأصلُ فيها نحو ‏{‏وَعَلَيْها وَعَلى الفُلكِ تُحْمَلُونَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏22‏"‏ من سورة المؤمنون ‏"‏23‏"‏‏)‏‏.‏

الظَّرفِيَّة، نحو‏:‏ ‏{‏وَدَخَلَ المَدينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏15‏"‏ من سورة القصص ‏"‏28‏"‏‏)‏ أيْ في حينِ غَفْلَةٍ‏.‏

المُجَاوَزَة، كـ ‏"‏عَنْ‏"‏ كَقَولِ القُحَيْف العُقَيْلي‏:‏

إذا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيرٍ *** لَعَمْرُ اللّهِ أعْجَبَني رِضَاها

أي رَضيت عني‏.‏

المُصاحَبَة، نحو ‏{‏وَإنَّ رَبَّك لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏6‏"‏ من سورة الرعد ‏"‏13‏"‏‏)‏‏.‏ أيْ مَعَ ظُلمِهِمْ‏.‏

موافَقَةُ ‏"‏مِنْ‏"‏، نحو ‏{‏إذا اكْتَالُوا عَلى النَّاسِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏2‏"‏ من سورة المطففين ‏"‏83‏"‏‏)‏‏.‏

الاسْتِدْرَاك كقولك ‏"‏فُلانٌ أطَاعَ الشَّيْطانَ على أنَّنا لا نَيْأَسُ مِنْ إصْلاحِهِ‏"‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ يمكنُ أنْ تكُونَ ‏"‏على‏"‏ اسْمًا إذا دَخَلَتْ عَليها ‏"‏مِنْ‏"‏ كقول مُزَاحِمٍ العُقَيْلي يصف القَطَا‏:‏

غَدَتْ مِنْ عَلَيهِ بَعدَما تَمَّ ظِمؤُها *** تَصِلُّ وعَنْ قَيضٍ بزَيزاءَ مجْهلِ

‏(‏‏"‏غَدَتْ‏"‏ من أخوات ‏"‏كان‏"‏ ولسمها يعود إلى القَطَا ‏"‏الظِمءُ‏"‏ ما بين الشُّرَبين للإِبل، و ‏"‏تصلِّ‏"‏ تصوِّت أحْشاؤها ‏"‏القيض‏"‏ قشر البيض الأعلى، وأراد به الفرخ و ‏"‏زيزاء‏"‏ الغليظ من الأرض، ‏"‏المجهل‏"‏ القفر لا علامة فيه‏)‏‏.‏

عَلُ‏:‏

معناها وإعرابها‏:‏

توافِقُ ‏"‏فَوقَ‏"‏ في معناها، وفي بنائها على الضَّم إذا كانت مَعْرفةً كقولِ الفَرَزْدَق يهجو جريرًا‏:‏

وَلَقَد سَدَدْتُ عليكَ كُل ثَنيَّةٍ *** وأتيتُ نحو بَني كُلَيْبٍ مِنْ عَلُ

‏(‏الثنية‏:‏ الطريق في الجبل‏)‏‏.‏

أي مِنْ فَوقِهِم، وفي إعرابها مجرورةً بِمن إذا كانت نكرةً قولُ امْرئِ القيس يصفُ فَرَسًا‏:‏

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُدْبِرٍ مَعًا *** كجُلمودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيلُ من عَلِ

أي من مَكَانٍ عالٍ‏.‏

وتُخالف فوقَ في أَمرين‏:‏

‏(‏1‏)‏أَنَّها لا تُستَعمل إلاَّ مَجرورَةً بـ ‏"‏مٍنُ‏"‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ أَنّها لا تُضافُ، فلا يُقَالُ‏:‏ أخَذْتُه من عَل السَّطح، كما يُقالُ مِنْ عُلوِّه ومن فَوقه‏.‏

عَلَّ‏:‏

لُغَةٌ في ‏"‏لَعَلَّ‏"‏ بَلْ يُقَال‏:‏ إنَّها أصْلُها، قال الأضبطُ بن قُرَيع‏:‏

لا تُهِينَ الفَقِيرَ عَلَّكَ أن *** تَرْكَعَ يَومًا والدَّهرُ قَدْ رَفَعَه

وهي هُنا بمعنى عَسَى، وتعمل عَملَ ‏"‏إنَّ ‏"‏ كـ ‏"‏لَعَلَّ‏"‏‏.‏

والأصح والأفيصح‏:‏ لَعَلَّ ‏(‏=لَعَلَّ‏)‏‏.‏

عَلِقَ‏:‏

فِعلٌ مَاضٍ يَدُلُ على الشروع في خَبَرِها وهي مِنَ النَّواسخ، تَعْمَلُ عَمَلَ كانَ، إلاَّ أنَّ خبرها يجِبُ أنْ يكُونَ جُمْلَةً فِعلِيَّةً من مُضَارعٍ فاعله ضميرٌ يُعودُ على الاسم، ومُجَرَّدٌ مِنْ ‏"‏أَنْ‏"‏ المصدرية ولا تعمَلُ إلاَّ في حالة المُضيِّ نحو ‏"‏عَلِق زيدٌ يَتَعَلَّم‏"‏ أي أَنْشأ وشَرَع‏.‏

‏(‏=أفعال المقاربة‏)‏

عَلِمَ‏:‏

‏(‏1‏)‏ فعلٌ يتعدَّى على مَفْعُولين وهو مِن أفْعَالِ القُلوب ويُفيدُ اليقينَ، وقد يَفِيدُ الرُّجحان نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة الممتحنة ‏"‏60‏"‏‏)‏ ‏(‏والمراد‏:‏ فإن تيقنتم إيمانهن، فعلمتموهن لليقين هنا، والظن أو الشك جاء من إن الشرطية لا مِنْ عَلمتموهن، وقد يكون الظن في علمتنوهنّ لأنه لا أحَدَ يعلم يقينًا إيمان أحد، لأن الإيمان في القلب، ولكن بغلبة الظن‏)‏‏.‏

‏(‏=المتعدي إلى مفعولين‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ ‏"‏عَلِمَ‏"‏ بمعنى عَرَفَ وتتعدَّى إلى مَفْعولٍ وَاحِد، نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللّهُ أخْرَجَكُمْ مِن بُطُونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعْلَمونَ شيئًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏78‏"‏ من سورة النحل ‏"‏16‏"‏‏)‏‏.‏

العَلَم‏:‏

-1 العَلمَ نَوعَان‏:‏ عَلَمٌ جِنْسيٌ - وسيأتي - وعَلَمٌ شَخْصِيٌ‏.‏

-2 العَلَمُ الشَخصي‏:‏

هُو الاسمُ الخَاصُّ الذي لا أخَضَّ منه، ويُركَّبُ على المسمَّى لتَخْلِيصِه من الجِنْس بالاسْمِية، فيُفَرَّقُ بينَه وبين مُسَمَّيات كَثِيرَةٍ‏.‏

-3 العَلَم الشَّخصي، نَوعان‏:‏

أحدُهُما‏:‏ أُولُو العَلَمِ مِنَ المذكَّرين كـ ‏"‏جَعفَر‏"‏ والمُؤنثات كـ ‏"‏زَينب‏"‏‏.‏

الثاني‏:‏ ما يُؤَلَّفُ كالقَبائل كـ ‏"‏قُرَيْش‏"‏ والبلاد كـ ‏"‏دِمشق‏"‏، والخيل‏:‏ كـ ‏"‏لاَحِق‏"‏ والإبل كـ ‏"‏شَدْقم‏"‏ والبَقَر كـ ‏"‏عَرَار‏"‏ والغنم كـ ‏"‏هَيْلَة‏"‏ والكلاب كـ ‏"‏وَاشِق‏"‏‏.‏

-4 العَلَمُ الشَّخصي أَربعَةُ أقْسام‏:‏

مُفردٌ، ومُرَكَّبٌ، ومَنْقُولٌ، ومرتَجَل‏.‏

‏"‏أ‏"‏ العَلَم المُفرد هو الأصلُ‏:‏

لأَنَ التَّركيب بعدَ الإفراد، وذلكَ نحو ‏"‏خالدٍ وعَمرٍو‏"‏ والمُراد بالإفراد أنَّه يَدُلُ على حقيقةٍ واحدةٍ قبل النَّقل وبعدَه‏.‏

‏"‏ب‏"‏ العلمُ المركَّبُ‏:‏ وهو الذي يَدُل على حَقيقةٍ واحِدةٍ بعد النقل، وهو على ثلاثةِ أنواع‏:‏

‏(‏1‏)‏ جُمْلةٌ، وهو كُلُّ كَلاَمٍ عَمِل بَعْضُه في بعض نحو ‏"‏تَأَبَّطَ شَرًَّا‏"‏ و ‏"‏ذرَّى حَبَّا‏"‏ ومثلها ‏"‏شَابَ قَرْناها‏"‏ و ‏"‏برِقَ نَحرُه‏"‏ و ‏"‏جادَ المَولى‏"‏ ومثلُ ذلك ‏"‏يَزيد‏"‏‏.‏

يقولُ الشاعر‏:‏

كأنَّه جَبْهَةُ ذَرَّى حَبَّا

ويقولُ‏:‏

كَذَبْتُم وبَيْتِ الله لا تَنكِحونها *** بَني شَابَ قَرناها تَصُرُّ وتَحلِبُ

‏(‏2‏)‏ من المُرَكَّبات اسْمَان رُكِّب أَحدُهما مع الآخر، حتى صارا كالاسمِ الوَاحدِ نحو ‏"‏حَضْرَمْوت‏"‏ و ‏"‏بعْلَبَكّ‏"‏ و ‏"‏معدِ يْكَرِب‏"‏ ومثلُ هذا يُمْنَعُ مِنَ الصَّرف‏.‏ ومن هذا ‏"‏سِيبَوَيْهِ‏"‏ و ‏"‏نفْطَوَيه‏"‏ و ‏"‏عمْرَوَيهِ‏"‏، إلا أنَّ هذا مركَّبٌ من اسمٍ وصَوتٍ أعْجَميٍّ، وهو ‏"‏وَيه‏"‏ ويُبنى مثلُ هذا على الكسر‏.‏

‏(‏3‏)‏ من المُرَكَّباتِ المُضافُ وهو نوعان‏:‏

‏(‏الأول‏)‏‏:‏ اسمٌ غير كُنْية نحو ‏"‏ذِي النُّون‏"‏ و ‏"‏عبد الله‏"‏ و ‏"‏امرئ القيس‏"‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏‏:‏ الكنية نحو ‏"‏أبي زيد‏"‏ و ‏"‏أمِّ عَمْرٍو‏"‏‏.‏

‏"‏ج - ‏"‏ العلم على ضربين‏:‏ مَنْقُولٍ ومُرْتَجَل، والغالب النَّقلُ، ومعنى النَّقل‏:‏ أنْ يكونَ الاسمُ بإزِاءِ حقِيقَةٍ شَامِلَةٍ فَتَنْقُلُه إلى حَقِيقَةٍ أُخْرَى خَاصَّةٍ، والعَلَم المَنْقُول على ثَلاثَةِ أضْرُبٍ‏:‏

مَنْقُولٍ عن اسمٍ، ومَنْقولٍ عن فعل، ومَنقولٍ عن صَوت‏.‏

فإمَّا الأَوَّلُ وهو المَنْقول عَنِ الاسْمِ فَنَوْعَان‏:‏

مَنْقُولٌ عنْ عَين، أو مَعْنىً، أمَّا العَين فيكونُ اسْمًا وصفةً، فالمنقول عن الاسمِ غير الصِّفة كتسمية رَجُلٍ ‏"‏بأَسَدٍ‏"‏ او ‏"‏ثورٍ‏"‏ أو ‏"‏حجَر‏"‏‏.‏ وهي في الأصل أسماءُ أجناس، لأنَّها بإزاءِ حَقِيقةٍ شَامِلَة‏.‏

والمَنقُول عن الصِّفَةِ نحو ‏"‏خالد‏"‏ و ‏"‏مالِكِ‏"‏ و ‏"‏فاطِمة‏"‏ فهذه الأسماءُ أوصافٌ في الأصلِ، لأنَّها أسماءُ فاعلين، تَقُول في الأصل‏:‏ هَذا رجلٌ خَالِدٌ بِذِكرِه، مِنَ الخُلُود، وتَقُول‏:‏ مَالِك، من المِلك، وفاطمةُ من الفِطَام، ومِثْلُه حَاتِن، وعَابِد ونَاصِر، ونَائِلَة‏.‏

وما نُقِلَ عن الصِّفَةِ وفيها ‏"‏أل‏"‏ المُعرِّفة فإنها تبقى بعد النقل للاسم نحو ‏"‏الحَارِث‏"‏ و ‏"‏العَبَّاس‏"‏‏.‏

وما نُقِل مُجَرَّدًا من ‏"‏أل‏"‏ لَم يَجُزْ دُخُولُهما عليه بعد النَّقل نحو ‏"‏سَعِيد‏"‏ و ‏"‏مكرِم‏"‏‏.‏

وقد تَدْخُل ‏"‏أل‏"‏ بعد النقل لِلَمْح الأَصْل، كأنَّهم لَمَحوا اتِّصَافَه بمعنى الاسْمِ، ومثله قول الأَعْشى‏:‏

أتَانِي وَعِيدُ الحُوص من آلِ جعفر *** فَيا عَبدَ عَمْرٍو لو نَهَيتَ الأَحَاوِصَا

فَجَمْعُ اسمِ ‏"‏أحوص‏"‏ جمع الصِّفة كما يُجْمع قبل النَّقل فقال ‏"‏الحُوص‏"‏ كأحْمَر وحُمر‏.‏

أمَّا ما نُقِل من المَعْنى فنو ‏"‏فَضْل‏"‏ و ‏"‏أياس‏"‏ و ‏"‏زيد‏"‏ و ‏"‏عمرو‏"‏ فهذه الأسماء يُقِلتْ من المَصْدر، والمصدرُ معنى، فَفَضْل‏:‏ مصدرُ يفضُل فَضْلًا، وإياسٌ‏:‏ مصجر آسَه يَؤُوسُه إيَاسًَا وأوسًا إذا أعطاه، وزَيدٌ مَصْدرُ زَادَ زَيْدًا وزِيادَة، يقول الشاعر‏:‏

وأنتُمُ مَعْشَرٌ زَيْدٌ على مِائةٍ *** فأَجمِعُوا أَمْرَكُم طُرًّا فكِيدُونِي

فـ ‏"‏زَيْد‏"‏ مَصْدرٌ مَوْصُوفُ به كما تقول‏:‏ ‏"‏رَجُلٌ عَدْلٌ‏"‏ و ‏"‏ماءٌ غَوْر‏"‏‏.‏

وأمَّا الثاني وهو المَنْقُول عن الفِعل فقد نُقِل من ثَلاثَةِ أفْعَالٍ‏:‏

المَاضِي، والمُضَارع، والأمرِ

أمَّا الماضي فنحو ‏"‏شمَّر‏"‏ اسم رجل، من شَمَّر عن ساقَيه، وشمَّر في الأَمرِ‏:‏ إذا خَفَّ، وأمَّا المُضارع فنحو ‏"‏يَشكر ويَزيْد، وتَغْلِب‏"‏، وأمَّا المُضارع فنحو ‏"‏يَشْكر ويَزيْد، وتَغْلِب‏"‏، وأمَّا الأَمْر فنحو ‏"‏اصْمُتْ‏"‏ سميت به فلاةٌ بعينها قال الراعي‏:‏

أَشْلَى سَلُوقِيَّةً بانَتْ وَبَانَ بها *** بَوحْشِ اصْمِتَ في إصْلاَبِها أوَدُ

‏(‏أشْلَى الكَلْب‏:‏ إذا دَعَاه، وأسَدَه‏:‏ إذا أغراه بالصَّيْد‏.‏ سَلُوقية‏:‏ نسبة إلى سلوق بلد في اليمن ينسب إليها الكلاب‏.‏ وإصْمِت‏:‏ فلاةٌ بِعَينها، وبالنقل صارت همزتها همزة قطع‏.‏ الأصلاب‏:‏ جمع صلب‏.‏ أوَد‏:‏ عِوَج‏)‏‏.‏

ومثله لابي ذؤيب الهذلي‏:‏

على أطرِقًا بالِياتُ الخِيا *** مِ ‏(‏الخيام‏)‏ إلا الثُمامَ وإلا العِصِي

‏(‏أطرقا‏:‏ اسم بلد، قال الأصمعي‏:‏ سمي بقوله، أطْرِقْ إلى اسْكتْ كان ثلاثة قال أحدهم لصاحبيه‏:‏ أطْرِقا فسمة المكان اطرقا‏)‏‏.‏

وأصلُ الفعل ‏"‏اصْمُت‏"‏ بضم الميم، ولَعَلَّه كَسَرهُ حينَ نَقَلَهُ‏.‏ وإذا نُقِل الفِعلُ إلى الاسْمِ لَزِمَته أحكامُ الأسماء، فقُطِعَت الأَلفُ لِذلكَ، وربَّما أنَّثُوا فَقَالوا ‏"‏إصْمِتَةٌ‏"‏ غيذَانًا بغَلَبةِ الاسْميةِ بعد التَّسْمِية‏.‏

وأمَّا الثَّالِثُ وهو المَنْقُول عن الصَّوتِ فنحو تسْمِيَة عبدِ اللّه بنِ الحارث ‏"‏بَبَّةَ‏"‏ وهو صَوْتٌ كانت تُرقِّصُه به أُمُّه وهو صَبِي وذلك قولها‏:‏

لأُنْكِحَنَّ بَبَّةْ *** جارِيةً خِدَبَّةْ

مُكْرَمَةٌ مُحبَّةْ *** تُحِبُ أهْلَ الكَعْبَةْ

فغلب عليه فسمي به الجِدَبّة‏:‏ الضخمة‏.‏

‏"‏د‏"‏ العلَم المُرْتَجَل على ضَرْبين‏:‏ قياسيَّ، وشَاذّ‏.‏ والمُراد بالمُرْتَجل ما ارْتُجِل للتَّسْمِية به أي اخْتُرِع، ولم يُنْقل إليه من غَيرِه من قولهم‏:‏ ارْتَجَلَ الخُطْبة‏:‏ إذا أتى بها عن غير فكرة، وسابقةِ رَوِيَّة‏.‏

أما القِيَاسيُّ فالمراد به أنْ يكونَ القِياسُ قابلًا له غيرَ دَافِعِه، وذلك نحو ‏"‏حَمْدان‏"‏ و ‏"‏عمْرانِ‏"‏ و ‏"‏غطفَان‏"‏ و ‏"‏فقْعس‏"‏ فهذه الأسماء مُرتَجِلة للَعلميَّة، لأنَّها بُنِيَتْ صِيَغُها من أوَّلِ مَرَّةٍ للعلمية، والقِيَاسُ قابِل لها لأنّ لها نَظِيرًا في كَلاَمِهِم، فـ ‏"‏حَمْدان‏"‏ كَسَعْدان اسمُ نَبْتٍ كَثِيرِ الشَّوك، وصَفْوان‏:‏ للحَجَر الأَملَسِ‏"‏ و ‏"‏فقْعِس‏"‏ مثل سَلْهب وهو الطويل‏.‏

وأمَّا الشَّاذُ فالذي يَدءفعه القياس فمن ذلك ‏"‏مُحَبَّب‏"‏ الأصلُ فيه ‏"‏مُحَبّ‏"‏ ومثله ‏"‏حَيْوَه‏"‏ اسمُ رجلٍ وليسَ في الكلام حَيْوَة، وإنما هي حَيَّة، ومن ذلك‏:‏ ‏"‏مُوهَب‏"‏ اسم رجل و ‏"‏موْظَبْ‏"‏ في اسمُ مكان، وكلاهما شَاذّ لأنّ الذي فَاؤُه واوٌ لا يأتي منه مَفْعَل بفتح العين إنما هو مفعِل بكسرها نحو مَوْضِع ومَوقِع ومَوْرِد‏.‏

-5 المركب الإضافي‏:‏

والمُرَكَّب الإِضِافِي‏:‏ هُوَ كلُّ اسْمَيْنِ نُزِّل ثَانِيهما مَنْزِلةَ التَّنوين ممَّا قبلَهَ كـ ‏"‏عبد اللّه‏"‏ و ‏"‏أبي بكر‏"‏ وهذا هو الغَالِبُ في الأعلام المركَّبَة‏.‏

وحُكمُه أن يُعرَبَ الجزءُ الأوَّلُ بحَسَبِ العَوامِلِ رَفُعًا ونَصْبًا وجَرًّا، ويُجَرُّ الثّاني بالإضافَةِ دائمًا‏.‏

-6 العَلَم اسْمٌ وكُنْيةٌ ولَقَب - وترتيبها‏:‏ يَنْقَسِمُ العَلَمُ أَيْضًَا إلى اسْمٍ وكُنْيَةٍ ولَقَبٍ، فالكُنْيَةُ‏:‏ كُلُّ مُركَّبٍ إضَافِيٍّ صُدَّرَ بـ ‏"‏أبٍ‏"‏ أو ‏"‏أمٍّ‏"‏ كـ ‏"‏أبي بكر‏"‏ و ‏"‏أمِّ كُلثُومٍ‏"‏‏.‏

واللَّقَبُ‏:‏ كلُّ ما أشْعَرَ بِرفْعَةِ المُسَمَّى أو ضَعَتَه كـ ‏"‏الرَّشِيد‏"‏ و ‏"‏الجَاحِظ‏"‏ والاسْم‏:‏ ما عَدَاهما وهو الغَالِبُ كـ ‏"‏هِشَام‏"‏ و ‏"‏شام‏"‏ وإذا اجْتَمَعَ الاسم واللَّقَبُ، يُؤخَّر اللَّقَبُ عن الاسْم كـ ‏"‏عَلِيُّ زَيْنُ العَابِدِين‏"‏‏.‏

ولا تَرْتِيب بينَ الكُنْيِةِ وغَيرِها، فيجوز تَقْدِيمُ الكُنيةِ على الاسْمِ واللَّقَبِ وتأخيرُهما عَنْهَا، قال أعرابي‏:‏

‏"‏أقْسَمَ باللّه أبُو حَفْصٍ عُمَرْ‏"‏ فَهُنا قدَّم الكُنْيَة، وقال حسَّانُ بن ثابت‏:‏

ومَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللّهِ مِن أجْلِ هالِكٍ *** سَمِعْنا به إلاَّ لسَعْدٍ أبي عَمْرِو

وهنا قدَّمَ الاسمَ على الكنية‏.‏

-7 إعرابُ اللَّقب والكُنية‏:‏

اللَّقَبُ إمّا إنْ يكونَ هُوَ والاسم قبله مُضافَين كـ ‏"‏عبد اللّه زين العابدين‏"‏ أو يكون الاسمُ مُفردًا واللَّقَبُ بعدهُ مُضافًا كـ ‏"‏عليٍّ زين العابدين‏"‏‏.‏ أو ثكونا بالعكس كـ ‏"‏عبد العزيز المهدي‏"‏، في هذه الأحوالِ الثلاثةِ أتبعت الثاني الأوَّل في إعرَابه بَدَلًا أو عَطفَ بَيان، وإنْ شِئتَ قَطعتَه عن التَّبعيَّة إما بِرَفْعِهِ خَبَرًا لِمُبْتَدأ مَحْذوفٍ أو بِنَصْبِهِ مَفْعُولًا بِهِ لِفعلٍ محذوفٍ وإن كان اللَّقبُ والاسم الذي قَبْلهُ مُفْرَدين كـ‏:‏ ‏"‏عمرٍو الجَاحِظِ‏"‏ و ‏"‏سعيدُ كُرْزٍ‏"‏ ‏(‏الكُرز‏:‏ الجُوالِق أو الخُرج‏)‏‏.‏

فجُمْهُور البَصْريين يُوجِبُون إضَافةَ الأوَّلِ إلى الثاني، وبعضُهم أجاز فيه البدَليَّة أو عَطْفَ البيان‏.‏ وحكم الكنية ومَا قبلها من الاسمِ واللَّقَبِ إِتباعًا ‏(‏أي على البدل أو عطف البيان‏)‏ وقطْعًَا ‏(‏القطع‏:‏ تقدير مبتدأ أو فِعلٍ، أي قطعُها عن التَّبَعيَّة لما قبلها‏)‏، إلا أنَّ الكنيةَ لا تكُونُ إلاَّ مُضافَةً‏.‏

-8 حَذْفُ التنوين مِنَ العَلَم‏:‏

وكُلُّ اسمٍ غَالبٍ وُصِفَ بابْنٍ ثُم أضِيفَ إلى اسمٍ غَالبٍ أو كُنْيَة حُذِفَ مِنْه التَّنوين، وذلك قولُكَ‏:‏ هذا زَيدُ بنْ عَمرٍو، وإنما حذَفُوا التَّنويْنَ مِن نَحو هذا حيثُ كَثُرَ في كَلامِهم لأَنَّ التَّنْون حَرْفٌ سَاكِنٌ وَقَع بعدَو حَرْفٌ سَاكنٌ - وهو الباء من ابن - ومن كلامِهِم أنْ يَحذِفُوا الأوَّلَ - وهو التنوين -‏.‏

وتَقُولُ‏:‏ هذا أبو عمرِو بنُ العَلاَء من غير تنوين عمرو، لأنَّ الكنيةَ كالاسْمِ الغَالِبِ، وتقول‏:‏ هذا زيدُ بنُ أَبي عَمْرو، وقال الفرزدق في أبي عمرو بن العلاء‏:‏

مَا زِلْتُ أُغْلِقُ أبوابًا وأَفْتَحها *** حتَّى أتَيْتُ أبا عَمْرِو بنَ عَمَّارِ

وإذا لم سَكُن كما قَدَّمناه من شُرُوطِ حَذفِ التَّنوين، فإنَّ التَّنوين بَاقٍ لا أَخِيكَ، وهَذا زَيدٌ ابنُ أَخِي عَمْرٍو، وهَذا زَيْدٌ الطّويلُ ففي مِثْلِ هذه الأمْثِلةِ لا يُحذفُ التَّنوين بل يُحَرَّك بالكَسْرِ للتَّخَلُّصِ من التِقَاءِ الساكنين‏.‏

-9 العَلَمُ الجنْسي‏:‏

هُوَ اسمٌ يُعَيِّنُ مُسَمّاه، بغير قَيد، تَعْيين ذِي الأَدَاة الجِنْسِيَّةِ أو الحُضُورِيَّة، فإذا قُلتَ ‏"‏أسامةُ أجرأ من ثُعالَةَ‏"‏ فهو بمنزلةِ قولِك‏:‏

‏"‏الأَسَدُ أجْرَأُ مِنَ الثَّعلَب‏"‏ وألْ في الأسد والثعلب للجنس، وإذا قلت‏:‏ ‏"‏هذا أسامَةُ مُقْبِلًا‏"‏ فهو بمزلَةِ قَولِك ‏"‏هذا الأسدُ مُقْبِلًا‏"‏ وألْ في ‏"‏الأسد‏"‏ لِتَعْريفِ الحُضُورِ‏.‏

‏(‏العرق بين اسم الجنس وعلم الجنس = اسم الجنس‏)‏‏.‏

-10 أحكامه‏:‏

هذا العَلَمُ يُشْبِه عَلَمَ الشَّخص من جِهَةِ الأَحكَامِ اللَّفظيَّة، فإنه يمْتنِعُ من ‏"‏أل‏"‏ فلا يُقالُ‏:‏ ‏"‏الأَسامَةُ‏"‏ كما لا يُقال ‏"‏العُمر‏"‏ ويَمْتَنِع من ‏"‏الإِضافةِ‏"‏ فلا يُقال ‏"‏أُسَامَتُكُم‏"‏، ويَمْتَنع من الصَّرف، إن كان ذَا سَبَبٍ آخر، كالتأنيثِ في ‏"‏أُسامَة وثُعَالَة‏"‏، وكوزْن الفِعل في ‏"‏بناتِ أَوبر‏"‏ ‏(‏علم على نوع من الكمأة‏)‏، و ‏"‏ابْن آوى‏"‏ ‏(‏حيوان فوق الثعلب ودون الكلب‏)‏، ويُبْتَدَأُ به، ويأتِي الحالُ منه بلا مُسوِّغ فيهما، ويَمْتنع وَصْفُه بالنكرة، فلا يُقال‏:‏ أسَامةُ مُفْتَرِس، بل المُفْتَرِسُ‏.‏

أمَّا من جِهَةِ المَعنى فإنه يُشْبه النكرة، لأنَّه شائع في أمَّته، لا يخْتَصُّ به وَاحِدٌ دُونَ آخر‏.‏

-11 مسمّى علم الجِنْس‏:‏

مُسَمَّى عَلم الجِنْسِ ثَلاثَةُ أنواع‏:‏

‏"‏أ‏"‏ أعْيان لا تُؤَلَّف، أي سَمَاعية، وهو الغَالب كـ ‏"‏أسامَة‏"‏ للأَسَد، و ‏"‏أمِّ عِرْيَطٍ‏"‏ للعَقْرَب و ‏"‏أبي جَعْدَةَ‏"‏ للذِّئب‏.‏

‏"‏ب‏"‏ أعيانُ تُؤَلف كـ ‏"‏هَيَّان بنِ بَيَّان‏"‏ للمَجْهُول العَين والنَّسَب ومِثْلُه ‏"‏طامِرُ بنُ طَامِر‏"‏ وكـ ‏"‏أبي المضاء‏"‏ للفَرس، و ‏"‏أبي الدَّغفَاء‏"‏ للأَحْمَق‏.‏

‏"‏ج‏"‏ أمُورٌ معنَوية كـ ‏"‏سُبْحانَ‏"‏ عَلَمًا للتَّسبيح و ‏"‏كيْسان‏"‏ للغَدْرِ وقيل في ذلك‏:‏

إذا ما دعوا ‏"‏كيسان‏"‏ كانت كهولهم *** إلى الغدر أسعى من شبانهم المرد

و ‏"‏يسَارِ‏"‏ للمَيْسَرَة وقيل في ذلك‏:‏

وقلت امكثي حتى ‏"‏يسار‏"‏ لعلنا *** نحج معًا قالت أعامًا وقابله

و ‏"‏فجَارِ‏"‏ للفَجْرة، و ‏"‏برَّة‏"‏ للمبَرَّة ‏(‏اجتمعت ‏"‏فجار‏"‏ و ‏"‏برة‏"‏ في قول النابغة‏:‏

إنا اقتسمنا خطيتنا بليننا *** فحملت ‏"‏برة‏"‏ واحتملت ‏"‏فجارِ‏"‏

العَلَمُ الجنْسي‏:‏

‏(‏= العلم 14، 15، 16‏)‏‏.‏

العَلَمُ الشَّخصي‏:‏

‏(‏= العَلَم 2، 3‏)‏‏.‏

العَلمُ المُرْتَجل‏:‏

‏(‏=العَلَم 5‏)‏‏.‏

العَلَمُ المَنْقُول‏:‏

‏(‏= العَلَم 6‏)‏‏.‏

العَلَمُ المُرَكَّبُ الإسْنادي‏:‏

‏(‏= تقسيم العَلَم‏)‏‏.‏

العَلَمُ المُرَكَّبُ المَزجي‏:‏

‏(‏= تقسيم العَلَم‏)‏‏.‏

العَلَمُ المُرَكّبُ الإصافي‏:‏

‏(‏= تقسيم العَلَم‏)‏‏.‏

عَلَيكَ‏:‏

اسمُ فعلِ أمرٍ ويُفِيدُ الإغْراء والأَمر، وهو مَنْقُولٌ من الجَارِّ والمَجْرُور تقُول‏:‏ ‏"‏عَليكَ‏"‏ ومثلُها ‏"‏عَليْكُم‏"‏ والكاف والميم ضميرٌ عِندَ الجُمهور في مَحَلِّ جَرٍّ بـ ‏"‏عَلَى‏"‏، ومِثْلُه ‏"‏عَلَيكَ بِزَيدٍ‏"‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏عليكُمْ أنفُسَكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏108‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏، و ‏"‏عليكَ بالعرْوَةِ الوُثقى‏"‏ أي اسْتَمْسِكْ بها ولا يُقال‏:‏ ‏"‏عَلَيهِ زَيدًا‏"‏‏.‏

عِمْ صَبَاحًا‏:‏

كَلِمةُ تحيَّةٍ، كَأَنَّه مَحْذُوفٌ من نَعِم ينعُمِ بالكسر، كما تَقُول‏:‏ كُلْ من أكَلَ يأكُل، فحُذف من ‏"‏عم‏"‏ الأَلِفُ والنُّونُ اسْتِخْفَافًا، و ‏"‏صبَاحًا‏"‏ ظَرْفُ زمانٍ مفعولٌ فيه أي أَنْعم في صَبَاحكَ‏.‏

عَمْرَك‏:‏

هذا اللفظُ يَرِدُ كثيرًا في أقسام العَرَب أو تَأكِيداتها وأصْلُه قَسَمٌ بالعُمُرِ أو دُعَاءٌ بطول العُمر، وهَاكَ التفصيل من ناحيتي اللُّغَة والإعراب‏.‏

اللغة‏:‏ العمْر والعُمُر العُمْر‏:‏ الحَياة، يقال‏:‏ طالَ عَمْرُهُ وعُمْرُه لُغَتَانِ فَصِيحَتانِ، وفي القَسَم‏:‏ الفَتحُ لا غَير‏:‏ يُقال‏:‏ لَعَمْري، لَعَمْرُكَ، وقال الجَوهِري‏:‏ معنى ‏"‏لَعَمْرُ اللّه‏"‏ و ‏"‏عنْرِ اللّه‏"‏‏:‏ أحْلفُ بِبَقَاءِ اللّهِ ودَوامِه، وإذا قُلتَ ‏"‏عَمْرَكَ اللّهَ‏"‏ فكَأَنَّكَ قُلتَ‏:‏ بِتَعْمِيرِكَ اللهَ، أي بإقْرارِك له بالبَقَاء، وقولُ عمر بن أبي رَبيعة‏:‏

‏"‏عَمْرَكَ اللهَ كيف يَلْتَقِيان‏"‏ يريدُ سَألتُ اللّه أَن يُطيلَ عُمْرَك، لأَنه لم يرد القسم بذلك‏.‏

أمَّا الناحية الإعرابية فقولهم‏:‏ ‏"‏لعَمري ولعمرُك‏"‏ يرفعونه بالابتداء، ويضمرون الخَبَرَ، كأنهمْ يَهولون‏:‏ لعمرُكَ قَسَمِي أو يَميني ‏(‏وتقدم هذا في الهبر وبالخصوص في حذف الخبر‏)‏‏.‏

وقال الأَزهري‏:‏ وتدخلُ اللامُ في ‏"‏لعمْرُك‏"‏ فإذا أَدْخَلْتَها رفعتَ بها بالابتداء، فإذا قلتَ‏:‏ ‏"‏لعمرُ أَبِيكَ الخيرَ‏"‏ نصبتَ ‏"‏الخير‏"‏ أو خَفَضتَه، فَمَنْ نَصَبَ أَرادَ إنَّ أَبَاك عَمَر الخَيرَ يَعْمُرُه عَمْرًا وعَمَارَة، ومن خَفَض ‏"‏الخير‏"‏ جَعَله نَعْتًا لأَبِيكَ‏.‏

وقالوا‏:‏ ‏"‏عَمْرَكَ اللهَ أفعلُ كذا‏"‏ أو ‏"‏عَمْرَك اللّهَ إلاَّ فَعَلْتَ كذا‏"‏ أو ‏"‏ألاَّ مَا فَعَلت كذا‏"‏ على زيادة ‏"‏ما‏"‏ بنصبِ ‏"‏عَمْرَك‏"‏ وهو من الأسماء المَوضُوعة موضعَ المصادرِ المَنْصُوبةِ على إضْمارِ الفِعل المَتْرُوكِ إظْهارُه، وأصْلُه من‏:‏ عَمَّرتُك اللهَ تَعْميرًا، فَحُذِفتْ زِيادَتُه، وقال المبرِّد‏:‏ في قوله‏:‏ ‏"‏عَمْرَك الله‏"‏‏.‏ ‏'‏، شئْتَ جَعَلْتَ نَصْبَه بفعلٍ أضْمرتَه، وإن شِئتَ نصبْتَهُ بواو حَذَفْتَه ‏(‏أي واو القسم وعلى نصب بنزع الخافض‏)‏، وإن شِئتَ كانَ على قولِك عَمَّرتُك اللّه تعميرًا، ونَشَدتُكَ اللّه نَشِيدًا، ثمَّ وُضِعتْ ‏"‏عَمْرَكَ‏"‏ مَوضِعَ التَّعْمِيرِ‏.‏

عَمَّ‏:‏

مُرَكَّبةٌ من ‏"‏عَنْ‏"‏ حرفِ الجَرّ، و ‏"‏ما‏"‏ الاسْتِفْهاميَّة وحذفت أَلِفُها لِدُخُول الجَار‏.‏

عَمَّا‏:‏

مُرَكَّبة من ‏"‏عَن‏"‏ الجَارَّة، و ‏"‏ما‏"‏ الزائدة، ولا بَكُفُّها عن العمل‏.‏

‏(‏= عن‏)‏

عَمَلُ اسمِ التَّفْضِيل‏:‏

‏(‏= اسم التَّفضيل 6‏)‏‏.‏

عَمَلُ اسمِ الفَاعِلِ‏:‏

‏(‏= اسمُ الفاعل وأبنِيَتُه وعَمَلُهُ 5‏)‏‏.‏

عَمَلُ اسمِ الفِعْل‏:‏

‏(‏=اسمُ الفعل 6‏)‏‏؟‏

عَمَلُ اسمِ المَصْدَر‏:‏

‏(‏= اسمُ المَصدَر 2‏)‏‏.‏

عَمَلُ اسمِ المَفعول‏:‏

‏(‏= اسمُ المفعول وأبنيته وعَمَله 3‏)‏‏.‏

عَمَلُ تَثنيَةِ الفَاعِلِ وجَمْعِهِ‏:‏

‏(‏= اسمُ الفاعل وأبنيتُه وعَمَلُه 6‏)‏‏.‏

عَمَلُ المصدر‏:‏

‏(‏= المصدر 4‏)‏‏.‏

عَمَلُ المَصْدَرِ المِيمي‏:‏

‏(‏= المصدر الميمي 2/2‏)‏‏.‏

عَنْ‏:‏

‏(‏1‏)‏ مِن حُرُوف الجَر، وتجُرُّ الظَّاهِرَ والمُضْمَرَ، نحو ‏{‏لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏19‏"‏ من سورة الانشقاق ‏"‏84‏"‏‏)‏، و‏{‏رَضِيَ اللّهُ عَنْهُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏8‏"‏ من سورة البينة ‏"‏98‏"‏‏)‏، وزيادةُ ‏"‏ما‏"‏ بعدَها لا تكُفُّها عن العَمَل نحو ‏"‏عَمَّا قليلٍ‏"‏ ولها نحو من تسعةِ مَعَانٍ‏:‏

منها‏:‏ المُجَاوزة ‏(‏ولم يذكر البصريون غيرها‏)‏، وهي الأصل، نحو ‏"‏سِرْتُ عَنِ البَلَدِ‏"‏ و ‏"‏رغِبْتُ عن مُجالَسَةِ اللَّئيم‏"‏‏.‏

ومنها‏:‏ الاسْتِعْلاء كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَبْخَلْ فَإنَّما يَبْخَلُ عن نَفْسِهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏38‏"‏ من سورة محمد ‏"‏47‏"‏‏)‏، أي علَى نَفْسه‏.‏

ومنها‏:‏ التَّعليل، نحو ‏{‏وَمَا نَحْنُ بِتَارِكي آلِهَتِنَا عِنْ قَوْلِكَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏من سورة هود ‏"‏11‏"‏‏)‏، أي لأَجلهِ‏.‏

‏(‏2‏)‏ قد تكون ‏"‏عَن‏"‏ اسمًا إذا دَخَلَتْ عَليها ‏"‏مِن‏"‏ وتكون ‏"‏عن‏"‏ بمعنى جَانب كقولِ قَطَريّ بن الفُجَاءَة‏:‏

فَلَقَد أرَاني للرِّماحِ دَريئَةً *** مِن عَنْ يميني مَرَّةً وأمَامي

‏(‏الدريئة‏:‏ حلقة يتعلم فيها الطعن والرمي‏)‏‏.‏

عِنْدَ‏:‏

مُثَلَّثَهُ العَين، وفي المِصْباح‏:‏ الكسر هي اللُّغةُ الفُصحى، وهي ظرفُ في المَكَانِ والزَّمَانِ، فالمَكَان الحَقيقي نحو ‏{‏فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة النمل ‏"‏27‏"‏‏)‏، والمَجازِي نحو ‏{‏قالَ الَّذي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة النمل ‏"‏27‏"‏‏)‏‏.‏

و ‏"‏عنْد‏"‏ غير مُتَصَرِّف‏.‏

فلا يَقَعُ إلاَّ ظَرْفًا أو مَجْرُورًا بـ ‏"‏مِن‏"‏ كما مُثِّل، وأمَّا ظرف الزَّمان، فكقولك ‏"‏جئتُكَ عندَ مَغِيب الشَّمْسِ‏"‏، وتلزمُ الإضَافةَ فلا تُستعملُ بغَيرِ إضافةٍ إطلاقًا، وقَولُ العامة‏:‏ ‏"‏ذَهَبْتُ إلى عِندِه‏"‏ لَحْنٌ، والصَّوابُ‏:‏ ذَهبتُ إليه‏.‏

عِنْدَك‏:‏

اسمُ فعل أَمْر بمعنى خُذ، وتأتي بمعنى احذَر، تقول‏:‏ ‏"‏عَنْدَكَ الطعامَ‏"‏ أي خُذه، وتقول‏:‏ ‏"‏عِنْدَكَ‏"‏ تُحذِّره شيئًا بَيْنَ يديه وهو اسم فعل لا يتعدى‏.‏

عِنْدَما‏:‏

مُرَكَّبَةٌ من ‏"‏عِنْدِ‏"‏ الظَّرفيَّة الزمانيَّة و ‏"‏ما‏"‏ المَصْدَريَّة، نحو ‏"‏عندما تَطْرقُ البَابَ يُؤذَنُ لك‏"‏ أيْ عِندَ طَرقِكَ البَاب‏.‏

عَوْضَ‏:‏

هو لاسْتِغْراق المُستَقبل مثل ‏"‏أبَدًا‏"‏ إلاَّ أنَّه مُخْتَصٌّ بالنفي نحو ‏"‏لا أُفَارِقُكَ عَوْضُ‏"‏ قال الجَوهَري‏:‏ يُضم - أي آخِره - بناءً ويُفْتَحُ بغير تنوين، والضم قول الكِسَائي، والفتح قولُ البَصْريين، وهو أكثر وأفْشَى، فإنْ أُضِيفَ أُعْرِبَ نحو ‏"‏لا أدَعُكَ عوْضَ الدَّهْرِ‏"‏‏.‏